اختلفت تعاريف الصحة النفسية حيث قسم العلماء الى قسمين قسم قال إن الصحة النفسية هي كل إنسان خالي من الأمراض العقلية والنفسية (كالقلق والفصام وغيرها).
والقسم الآخر أعتبر الصحة النفسية نسبة عند الإنسان فجميعنا نسعى إلى أن نكون كاملين ولكن لا نستطيع أن نصل الى الكمال في كل الساعات لأن حياة الإنسان لا تخلو من المشاكل النفسية (كالخوف والقلق والحزن) والإنسان الصحيح يواجه مشاكله وأزماته ولديه القدرة على إظهار الفرح والسعادة والرضا.
مفهوم آليات الدفاع النفسية:
هي أكثر ما يسعى إليه الإنسان في حياته من أجل أبعاد أي خطر يهدده فهي تشكل مكانة هامة في حياة الإنسان وهذه الآليات موجودة في حياة الفرد السوي وغير السوي.
فهي إحدى الأساليب اللاشعورية يستخدمها الإنسان هربا من واقعه أو مواقفه المؤلمة بعد فشله في تحقيق نجاح أهدافه فحينها يتخلص من القلق والتوتر والشعور بالذنب ويشعر بالارتياح والتوافق مع المواقف.
تعريف آليات الدفاع النفسية:
هي أساليب سلوكية مكتسبة يستخدمها الفرد للدفاع عن نفسه ضد أي تهديد خارجي أو داخلي للحفاظ على التوازن النفسي وهي عامة في شكلها السوي لجميع الأشخاص ولكن عند الوصول الى مرحلة التطرف تصبح سلوك غير سوي.
بعض أشكال آليات الدفاع النفسية:
تتعدد آليات الدفاع النفسية فهناك آليات دفاع عدوانية وكذلك انسحابيه وآليات دفاع إبداليه وفما يلي عرض لبعض هذه الأشكال الأكثر انتشاراً.
الكبت :
يعد الكبت أساس آليات الدفاع النفسية جميعها ويعود ذلك الى المكانة التي يحتلها من نشاط اللاشعور فهو عميق التأثير وأكثر دفع نحو التطرف. ينشط الكبت منذ السنوات الأولى في حياة الإنسان حيث يعتمد عليه الطفل بدرجة كبيرة نظرا لإلحاح الدوافع والحاجات الأولية عليه وعدم قدرته على مواجهة القلق والتهديد الناتجين عن الإحباط لذلك ينشأ الكبت في البداية لحماية الانا وخفض مستوى توترها ولكن الاعتياد على هذه العملية لها اضرار كثيرة أهمها تبديد الطاقة النفسة واستنزافها.
فالكبت يحدث عند الناس جميعها ولكن عند الأسوياء يكون قوي ويستطيع تحمل ضغوط الهو والانا الأعلى ويتحكم في الرغبات المكبوتة.
أما عند المرضى النفسين فيكون الأنا ضعيف ولا يستطيع تحمل هذه الضغوط وتظهر الرغبات على شكل أعراض مرضية.
وبناء على ذلك يمكن تعريف الكبت بأنه عملية دفاعية لا شعورية يتم من خلالها استبعاد الرغبات والأفكار والذكريات المؤلمة والمستهجنة والمثيرة للقلق من حيز الشعور الى حيز اللاشعور ومنعها من التعبير عن نفسها بشكل صريح.
الإسقاط:
عملية لا شعورية يتم من خلالها إلقاء اللوم على الأخرين بالنسبة لعيوب واخطاء نرتكبها من أجل التخفيف من مشاعر القلق والتوتر المرتبطة بها مثال : نجد أن التلميذ يلقي اللوم على استاذه في حال إخفاقه في الامتحان.
والأسقاط كعملية لا شعورية تتم على مراحل ثلاثة:
الأولى : يتبرأ من كل ما هو مؤلم ومثير للقلق.
الثانية : يسقطها أو يلقي بها اللوم على غيره.
الثالثة : يجعل من نفسه معاقب للأشخاص الذين ألقى اللوم عليهم.
ويعد الإسقاط آلية دفاع لا شعورية خطيرة حيث ينسب فيها المريض للآخرين الميل الى إيذائه أو التحدث عنه بسوء أو ملاحقته والرغبة في اضطهاده.
التبرير :
عملية لا شعورية يحاول الفرد من خلالها تعليل او تفسير سلوكه بأسباب منطقية ومقبولة وإخفاء الأسباب الحقيقة الكامنة والتي تستثير قلقه وتؤذي مشاعره مثال : التلميذ الذي يخفق في الامتحان فيعلل سبب إخفاقه بصعوبة الأسئلة أو ضيق الوقت.
ولكن التبرير قد يصل درجات شديدة تجعل الشخص غير سوي مما يبعده شيئا فشيء عن واقعه.
النكوص :
هي وسيلة لاشعورية يلجأ إليها الفرد عندما يعوّق اشباع دافع لديه وهذا يجعله يعود لسلوكيات مرحلة سابقة لنموه مثال : الطفل في العاشرة من عمره قد ينكص الى سلوكيات طفل صغير مثل مص الأصابع عند مروره بمواقف مثيرة وضاغطة لا يستطيع مواجهتها.
فالنكوص نوع من الهروب أمام التوتر وتعبير عن قلة الحيلة وهو أهم أسس الاضطرابات النفسية والعقلية.
الانسحاب :
وسيلة دفاعية لاشعورية يلجأ إليه الفرد لتجنب مواقف الألم والتوتر عندما لا يستطيع تحمل التهديد والصراع والضغط الناجم عنها مما يجعله ينسحب من هذه المواقف تجنباً لتحمل المسؤولية أو الفشل.
يعد الانسحاب من العلامات المنذرة بالخطر ويؤدي الى الشعور بالنقص والخجل ويأخذ اشكال عديدة منها الانطواء وأحلام اليقظة وتعاطي الخمور حيث يكون هرب مادي ومعنوي واعتزال للعالم الخارجي.
ومن صوره أيضا لجوء الفرد الى الكسل والخمول وعدم بذل الجهد.
التعويض :
يعتبر رد فعل يلجأ إليه الفرد عندما يعاني شعور بالنقص أمام ضعف أو قصر واقعي من أجل التغلب على الشعور بالدونية مثال : سعي الطفل المنبوذ إلى سلوك عدواني من أجل لفت الانتباه.
الإبدال أو التحويل :
يطلق على هذه الآلية اسم التحويل أو الإزاحة أو الإبدال وهي عبارة عن آلية دفاعية لا شعورية يتم فيها نقل موضوع العاطفة أو التخيلات من موضوعها الأول إلى موضوع آخر وذلك استكمال لعملية الكبت ضد المواد الغير مرغوب فيها.
مثال : مشاعر العداء التي يكنها المعلم لمدير المدرسة فيحولها الى تلاميذه الأبرياء فينتقم ويعاملهم بقسوة.
وفي النهاية أن قدرة الإنسان على تأسيس روابط وعلاقات أسرية واجتماعية قوية وقدرته في الاسهام بدور إيجابي في المجتمع والاستمتاع بهذه العلاقات وشعوره بالسعادة والرضا يعد من أهم مؤشرات الصحة النفسية السليمة.