Karmen Barakat
الوسواس القهري هو أحد الأمراض العصابية أو النفسية التي تتميز بأنها متكررة وتتسلط على المريض بالرغم من معرفته أنها غير صحيحة وغير واقعية وسخيفة ويحاول مقاومتها والتخلص منها ولكن دون جدوى فتفرض نفسها عليه ويضطر للاستجابة لها يظهر الوسواس القهري عند الطفل على شكل أفعال أو أفكار أو الاثنين معاً.
كما تظهر عند الطفل أفعال متكررة حتى يخفف القلق الذي يعاني منه مثل غسل اليدين عدداً من المرات أو تمشيط الشعر مراراً أو يبالغ في ترتيب الأشياء بشكل معين.
والجدير ذكره أنّ الوسواس القهري أكثر ظهوراً عند الأطفال في عمر 8 – 10 سنوات وأكثر تأثيراً في مرحلة المراهقة والبلوغ. ونجد أن الوسواس القهري يكون عند المرضى العاديين غير ممتد لفترة طويلة ولا يؤثر في سلامة التفكير بشكل كبير ومن السهل أن يزول مع الزمن والانشغال بأفعال أخرى.
أسباب الوسواس القهري عند الأطفال
يعتبر هذا العصاب من أقل الاضطرابات النفسية شيوعاً فنسبته لا تتجاوز 2.6% من المرضى المترددين على عيادات الطب النفسي.
１. الأسباب الوراثية والفيزيولوجية
يلعب العامل الوراثي دوراً مهماً في نشأة الوسواس القهري حيث وجد أن ثلث أولاد الآباء المرضى بالوسواس القهري يعانون من المرض نفسه وكذلك خمس الأخوة والأخوات.
ويصيب هذا المرض الأطفال الذين لم يكتمل نضج الجهاز العصبي عندهم وُجِد أن الوسواس القهري ناتج عن وجود بؤرة كهربائية نشطة في لحاء الدماغ كما أثبتت الأبحاث وجود خلل في مادة السيروتونين في المخ ووجد أيضاً زيادة في نشاط المخ في الفص الأمامي.
２. الأسباب النفسية
تشمل القلق والاكتئاب والوساوس والصراعات والخوف والإحباط المستمر.
فقد يخاف الطفل أن يلحق به الأذى خارج البيت ولذلك يكرر نشاطاً ما لوقت طويل قبل مغادرته البيت فالسلوك عند مريض الوسواس القهري هو سلوك يستمر ذاتياً لأنه يؤدي إلى التخلص من التوتر بشكل مؤقت فقط.
فالسلوك القهري يتكوّن عندما يكتشف الطفل أن سلوكاً معيناً يخفف القلق المرتبط بالفكر الوسواسي وتخفيف القلق يعزز هذا السلوك ويثبته ويصبح نمطاً متعلماً.
３. الأسباب الاجتماعية
التربية المتزمتة والصارمة والتشديد على النظافة والإخراج من مرحلة الطفولة يمكن أن تؤدي إلى أعراض الوسواس القهري عند الأطفال.
بالإضافة إلى ذلك فإنّ توقعات الوالدين المتشددة من أطفالهم يمكن أن تسهم في ظهور سلوك الوسواس القهري عندهم فالآباء المتشددون هم أنفسهم جامدون وكماليون ويقدمون نموذجاً للسلوك القهري ويعززونه وعلاقته بأطفالهم علاقة محايدة أو باردة أو عدوانية وهم يمثلون نموذجاً للكمالية الزائدة فبعض الأطفال يظهرون الطاعة مباشرة عن طريق القيام بسلوك كمالي متوقع استجابة للأبوين المتشددين.
علاج الوسواس القهري
هناك عدة علاجات للوسواس القهري وهي:
１. العلاج الطبي
توصف بعض المهدئات وتعطى تحت إشراف طبي دقيق.
２. العلاج النفسي
يعاني الطفل المصاب بوسواس قهري من صراع وهو بحاجة إلى من يساعده ويأخذ بيده من أجل تركيز انتباهه وتفكيره في موضوع معين كما يمكن للمعالج النفسي أن يستثمر قابلية الطفل للإيحاء فيغير الكثير من الانفعالات والاعتقادات لديه ويجب تعليم الطفل على الاسترخاء مع التقليل من حساسيته تجاه الأشياء المقلقة بتعريضه لتلك الأشياء تدريجياً ابتداءً بأبسط المواقف المقلقة وانتهاءً بأعقدها.
ويكون ذلك عن طريق الاسترخاء مع تخيّل الطفل للمشهد المثير للقلق مما يجعله أقل حساسية تجاه أداء الطقوس الوسواسية ووُجِد أن تشتيت انتباه الطفل الذي يعاني من الوسواس القهري إلى لعبة أو نشاط يصرف انتباهه عن الاستمرار في السلوك القهري المعتاد.
３. العلاج الاجتماعي
وذلك باستخدام اللعب فبهذه الطريقة يمكن التغلب على الوسواس القهري حيث يكون اللعب مفيداً في توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية ويقضي على العزلة ويعلّم الطفل كيف سيتعامل مع الآخرين ويصرف انتباهه عن الفكرة التي تثير لديه هذا النوع من العصاب كما أن العلاج الأسري والعلاج بالترفيه من الطرق الأخرى في العلاج الاجتماعي وتفيد في حالة الوسواس القهري.
