شاع استخدام أسلوب الإدارة بالأهداف في الآونة الأخيرة في العديد من الدول المتقدمة كالولايات الأمريكية وبريطانيا وفرنسا واليابان، وفي بعض الدول النامية كالهند ومصر والسعودية وسوريا وغيرها ، وذلك نظرا لأهمية هذا الأسلوب وبخاصة في تحفيز العاملين وزيادة كفاءتهم الانتاجية.
نشأة الإدارة بالأهداف :
يعد عالم الإدارة الشهير بيتر دوركار أول من دعا إلى الأخذ بفكرة الإدارة بالأهداف عام 1954م منطلقا من أن وحدات الإنتاج تحتاج إلى نظام إداري يتيح للفرد إمكانية تحقيق ذاته وبالوقت نفسه يعطيه توجيها بوحدة الرؤيا الشاملة لمسار جهده، كما ينشئ روح الفريق، وينسق أهداف الأفراد في أهداف عامة مشتركة تشكل بمجموعها الهدف النهائي للمنظمة التي يعملون فيها.
وانطلاقا من هذا فقد نالت فكرة الإدارة بالأهداف الاهتمام والتأييد لدى الكثير من الباحثين ورجال الأعمال، وأصبح ينظر إليها في السنوات الأخيرة على أنها ” موضة أو بدعة العصر ” لأنه لم يكن من المقبول سابقا أن يشترك كل من الرئيس والمرؤوس في عملية وضع أهدافهم وتحديدها في العمل، ومن ثم تقويم النتائج المتحققة عن هذا العمل ،لأن ذلك كان من مهمة المدير أو الإدارة العليا فقط.
وقد قام العديد من الباحثين من أمثال مكروجر وهامبل وغيرهم بتطوير فكرة الإدارة بالأهداف التي طرحها دوركار حتى أصبحت اليوم أداة تخطيطية وإشرافية ورقابية وتحفيزية للعاملين.
وقد طبقت في العديد من الدول ، وقد نجح التطبيق في بعض هذه الدول وفشل في البعض الآخر ، نتيجة لعدم توفير المناخ والبيئة الصالحة لهذا النظام.
تعريف الإدارة بالأهداف
يمكن تعريف الإدارة بالأهداف على أنها : أسلوب من أساليب الإدارة الحديثة يشترك بموجبه كل من الرئيس والمرؤوس في عملية تحديد الأهداف المراد تحقيقها وطرق بلوغها وتحديد معايير قياسها للتأكد من حسن تنفيذها تمهيدا لمكافأة المجد ومحاسبة المقصر ومعالجة الانحرافات إن وجدت وإصلاحها بأقصى سرعة ممكنة وبالتعاون بين الرئيس ومرؤوسيه.
الخصائص الرئيسة للإدارة بالأهداف
تعد الإدارة بالأهداف فلسفة إدارية حديثة جامعة وشاملة لمفاهيم ومدارس الفكر الإداري السابقة لها ، فالمتتبع لتطور الإدارة يستطيع أن يلمس أن الإدارة قد مرت بمراحل مختلفة ظهرت من خلالها مدارس متعددة ، وكانت كل مدرسة تحاول أن تتلافى عيوب المدرسة السابقة لها وتكمل النقص أو النواحي التي غفلتها.
وبناء على تجارب التطبيق للنظريات السابقة حاولت الإدارة بالأهداف الاستفادة من مزايا هذه التجارب وتفادي عيوبها وأخطاءها آخذة بعين الاعتبار كافة العوامل المحيطة بها والتي تؤثر في مدى نجاحها مشكلة بذلك فلسفة خاصة بها تختلف جذريا عن النظريات السابقة لها وتقوم على المبادئ الآتية :
1- قامت الإدارة بالأهداف بتوجيه اهتمامها وعنايتها لعنصري العمل والإنسان معا ، فهي تريد أن تحقق إنتاجية عالية وبالوقت نفسه تحقق مستوى مرتفعا من رضا الأفراد.
2- تركز الإدارة بالأهداف على النتائج وليس على الأنشطة الروتينية أو التفصيلية كما كانت تفعل النظريات التقليدية في الإدارة، فالعبرة دائما بالنتيجة وليست بالنشاط.
3- تقوم الإدارة بالأهداف على أساس المشاركة والتعاون في العمل ، أي أنها تحرص على مشاركة جميع العاملين من قمة الهرم إلى قاعدته في وضع الأهداف وتنفيذها وتقويم النتائج المترتبة عنها.
4- ترتكز الإدارة بالأهداف على ضرورة الاقتناع الشخصي بالعمل، وخلق الدافع لدى الفرد بغية تحقيق الأهداف المنشودة بأعلى كفاءة وأقصى فعالية.
5- لا تحاول الإدارة بالأهداف أن تضع طريقة مثلى للأداء كما فعلت النظريات التقليدية ، بل إنها ترسم الإطار العام الذي يجب أن يتحرك من خلاله الرؤساء والمرؤوسين بتعاون وتفاهم لتحقيق الأهداف التي قاموا بوضعها سوية ، متبعين في ذلك السبل التي يرونها مناسبة انطلاقا من مبدأ التطوير والأداء المتميز وليس الأداء العادي والروتيني.
6- يختلف مفهوم القيادة الإدارية في ظل الإدارة بالأهداف عما هو عليه في النظريات التقليدية، فالمدير أو القائد الإداري ليس هو ذلك الشخص الذي تتركز عنده فقط صلاحية اتخاذ القرارات والمسؤولية، كما أنه ليس ذلك الأب الشديد أو المقوم الصعب الذي يجب التصرف حسب المعايير التي يضعها ويرضاها فيتم الالتزام بها لإرضائه هو شخصيا من دون النظر إلى النتائج، وإنما هو أولا عضو في فريق متكامل يتكون منه ومن جماعة العمل التي يقودها فهو موجه ومرشد يقود بالمشاركة، ويؤمن بالتفاهم والاستماع إلى أفكار المرؤوسين والقبول بها إذا كانت صائبة وصحيحة، لأنه ربما يقوم بمناقشتها والاستفادة منها وتطبيقها.
فالعلاقة بين المدير ومرؤوسيه يجب أن تكون بموجب نظام الإدارة بالأهداف علاقة أخذ وعطاء ، إرشاد واسترشاد ، تأثر وتأثير ، تعلم وتعليم.