من المفيد معاينة التشكل الرحمي في الإطارين النفسي والاجتماعي للمرأة الحامل ولزوجها حيث يرى بعض علماء النفس بأن الحمل يشكل بالنسبة للمرأة أزمة كبرى توازي الأزمة النفسية التي يتعرض لها الناشئة في المراهقة لذلك فقد اهتموا بدراسة الآثار النفسية لهذا الحدث بالنسبة لكلا الوالدين.
ردود أفعال الأبوين تجاه الحمل الأول
تعتمد ردود أفعال الزوجين تجاه الحمل على عدد كبير من العوامل أهمها :
1- رغبة الوالدين بقدوم الطفل.
2- نضجهما في مختلف نواحي الحياة.
3- طبيعة علاقتهما ببعضهما وبأبويهما.
4- إحساسهما بهويتهما التي تحدد علاقتهما بالطفل.
وتتمثل أهم العوامل في الاستجابة العاطفية تجاه الحمل أكثر من الاستجابة العقلانية، فالبعض يبدي حالة من الفرح والبهجة لهذا الحدث، والبعض الآخر يدخل في حالة من الحيرة والإرباك بينما تجد البعض مكتئباً رافضاً للفكرة .
والأبوة عموماً مرحلة جديدة تزيد بعد الزوجين عن والديهما وفي نفس الوقت تدفعهما للاقتراب من هذين الوالدين فالمسؤوليات الجديدة المفروضة على الآباء تستدعي التخلي عن اتكاليتهم السابقة التي تتحول إلى استقلالية مع التقرب من الاهل الذين يبدون اندفاعاً ليكونوا أجدادا.
تأثيرات الحمل الأول على الأم
نرى الكثير من الأمهات الحوامل يرغبن في البقاء بالقرب من أمهاتهن خلال الأشهر الأخيرة من الحمل ، ويمكن أن نميز عدة أطوار من التحولات التي تمر خلالها المراة الحامل
تميل المرأة خلال الثلث الأول من الحمل للتركيز على التغيرات في جسمها فتعجب ، أو تحتار فيما إذا كانت تنتابها التغيرات التي تصيب عادة المرأة الحامل والتي تتمثل بالرغبة في التقيؤ والرغبة في أنواع من الطعام لاتحبها عادة أو النفور من أنواع تحبها في العادة ،ومن جهة ثانية فإن شعور المراة بالضعف والتعب وتحولات المزاج تدفعها للإحساس بأنها تتغير دون قدرتها على السيطرة على هذا التغير، وتحس بعض النساء في الثلث الاول من الحمل أنها مبدعة وهامة جداً .
في بداية الثلث الثاني من الحمل حيث يتم تشكل أعضاء الجنين تقلل المرأة من التفكير بذاتها وتزيد من التفكير بالجنين الذي بدأ يتحرك داخلها ، وتتغير المظاهر الخارجية للمرأة بسبب الحمل، وتحس بعض النساء بالبشاعة، وهذا ما يستدعي اليأس عند البعض والشك بأزواجهن، وتنقلب نسوة أخريات ليصبحن أكثر سعادة بسبب التعبير عن نضجهن .
تتغير توجهات النساء خلال الثلث الأخير من الحمل فتغدو أقل اهتماماً بمظهرها وأكثر لهفة للوصول إلى نهاية الحمل بسلام على الرغم من أن المرحلة الأخيرة لاتخلو من مضاعفات مزعجة فالحامل في الأشهر الأخيرة تصبح عاجزة عن القيام بالفعاليات البسيطة ، إضافة الى المخاوف التي تصيب المرأة حول مخاطر الولادة .
الانعكاسات النفسية لحمل المرأة الأول عند الرجل
تنحصر ردود أفعال الأب المرتقب بثلاثة اتجاهات
التوجه الخيالي نحو دور الأب المقبل والتوجس من فكرة التحول الى آباء وتحمّل مسؤولية الأبوة ،ويظهر هذا التوجه بشكل كبير عند الرجال الاتكاليين الذين تعودوا الاعتماد على أهلهم وزوجاتهم في تسيير أمور الحياة.
التوجه الأسري نرى هذا التوجه عند الرجال الذين تقبلوا مسؤولية توفير متطلبات الحياة لزوجاتهم وساعدوا أهلهم على الحياة ولهذا يكون دور الأبوة عملاً سهلاً زاد من تقربهم من زوجاتهم ودفعهم للتخطيط لحياة الطفل المتوقعة.
التوجه المهني يرى أصحاب هذا التوجه أن الطفل المتوقع عبء عليهم وتهديداً لهم فالمسؤولية عند هؤلاء تعني التنازل عن بعض حرياتهم ومتعهم فيجدون في المولود الجديد شخصاً متطفلاً على خططهم المهنية ويخافون أن يعرقل دراستهم وأبحاثهم ويغير نمط حياتهم.
مماسبق نجد أن مرحلة النمو الجنيني ليست مجرد فترة نمو للجنين بل تنعكس آثارها على الأهل أيضاً إذ يشكل الحمل أزمة للوالدين لاتقل دلالتها عن أزمة المراهقة والفارق بين الأزمتين أن المراهقة تفرض تحطيم الروابط خلافاً لأزمة الحمل والأبوة التي تعيد روابط الآباء الجدد بأهلهم.