هنالك العديد من المعتقدات الخاطئة في حياتنا عن الحياة خاصة والعالم عموماً ، والتي نحاول تعميمها بشكل مستمر على كافة مناحي حياتنا الأخرى ، دون أن ندرك معاني هذه التعميمات على حالتنا المزاجية والنفسية والاجتماعية والمهنية ، وكافة الجوانب الأخرى لمعيشتنا.
ولعل أكثر المواضيع التي تثير اليأس في نفوس الناس ، هي مرحلة التقاعد ، والتي يصلون فيها أحياناً إلى الشعور بالرعب منها ، فيعتقدون مثلاً أن الشخص المتقاعد هو عبارة عن كلمة مقسومة إلى قسمين فقط “مُت قاعد”!.
فحرفياً يعتقدون بموت هذا الشخص ( معنوياً ) بعد اجتيازه لهذه المرحلة. وفي هذا المقال نتعرف سنتعرف إلى هذه المعتقدات، وهل هي صحيحة؟
إن المتقاعد هو إنسان قام بتأدية دوره في الحياة البشرية وفي أسرته ، وحان وقت انتهاء هذه الدور، لذلك فإنه يجلس في هذه المرحلة ينتظر الموت بفارغ الصبر.
فمثلاً تبدأ المعتقدات التي تحدثنا عنها تتجسد في الواقع ، فيقوم العديد من المتقاعدين بترك لحاهم تنمو ولا يعودون يهتمون كثيراً بها ، فتبدو وكأنها كلحى مساجين ، ويظهرون بملابس رثة لا تعبر عن اهتمامهم بأنفسهم ، إذ تبدأ هذه المشاعر المأساوية واللامبالية بالسيطرة عليهم.
كما تشيع معتقدات مثل أن المتقاعد هو عبارة عن إنسان أصبح عاجز عن القيام بالعمل ، ولم يعد يصلح لشيء بعد الآن ، ويجب عليه الآن متابعة ومشاهدة مباريات الدوري الإنجليزي ، ولا نتحدث بالطبع عن عدم تقضية أوقات للتسلية ، ولكن نحن نتحدث عن معتقدات هادمة لشخصية الإنسان عند وصوله لهذه السن.
ينظر الكثير من الناس كما قلنا إلى التقاعد نظرة تشاؤمية يشوبها السواد إلى حد كبير ، وهذا يعد من أكبر الأخطاء التي يقترفها الإنسان في حق نفسه ومجتمعه.
إذ إن لكل مرحلة من مراحل الحياة التي يمر بها الإنسان ، دورها المتميز والتي لا تلغي ما قبلها أو بعدها.
إن مرحلة التقاعد هي في الواقع تعني اكتمال تجربة الإنسان ووصوله إلى ذروتها إن جاز التعبير، وهي مرحلة الانتقال من حياة العمل إلى حياة الفكر، وإلى مرحلة أعلى من الروحانيات ، والإيمان بمبادئ الحياة عموماً والتي تعلمها عبر هذه السنوات الطويل ، ومن حياة التلقي إلى حياة الانتظار.
إن الطفولة مثلاً: تحمل في طياتها البراءة وعدم تحمل المسئوليات الحياتية المختلفة ، ومن مساوئها:
غياب التفكير العقلاني إلى حد كبير والتصرف بطيش وتلقائية وغياب الإدراك.
أما الشباب فهي مرحلة مختلفة تحمل الجمال والحيوية والانطلاق وروح المغامرة وغيرها ، ومن مساوئها كثرة الطيش والتهور، وعدم المبالاة بالصحة وكثرة التدخين والسهر لأوقات متأخرة وما إلى ذلك.
في حين مرحلة الشيخوخة التي تحمل الكثير والكثير من الخبرة والحكمة والعقل ، والتجارب العميقة في الحياة على مر هذه السنوات ، وأبرز مساوئها فتور الهمة ( هذا أمر راجع للشخص نفسه ) وأحياناً الإصابة بالأمراض ( لكن أيضاً إذا لم يكن الشخص قد اهتم في صحته من قبل ).
لا تستسلم لمشاعر اليأس التي تسيطر عليك أبدا ً، وقم للانطلاق في هذه الحياة على الفور، ولتجعل العالم كله يستفيد من خبراتك.
ودعني أسألك سؤالاً :
إذا لم تستفد البشرية من خبرات أولئك الذين خاضوا الحياة على أوسع نطاق لها، فممن سوف تستفيد ؟
لقد قام مؤسس سلسلة مطاعم (كنتاكي) بافتتاح هذه السلسلة العالمية والرائعة للمطاعم في العالم بعد أن وصل لعمر ال 60 وتجاوزه أيضاً ، ولقد قرر أن يخرج للعالم كله بوصفته للدجاج المقلي على طريقته ، وبالفعل استطاع بذلك أولاً:
أن يتحرر مالياً (علماً أنه قام بهذه الخطوة بعد طرده من العمل بسبب سنه).
وثانياً أن يستمتع بهذا المال كي يسافر حول العالم ويعيش حياته بشكل مختلف.