إنّ التغيرات الحاصلة في بنية المشاريع الاقتصادية تتم بصورة مخططة من خلال مجموعة من العوامل الفنية والتاريخية والاجتماعية سنوضح أهمها في مقالنا هذا:
1- التقدم العلمي والتقني
لقد ظهرت وسائل عمل جديدة وتم اكتشاف مواد أكثر اقتصادية تستخدم الأتمتة والمكننة في العمليات الإنتاجية وتستحدث التكنولوجية نتيجة التقدم العلمي والتطوير التقني في الميادين الاقتصادية.
وبتأثيره تتشكل المشاريع المتقدمة كمشاريع صناعة الأجهزة ومشاريع إنتاج الإلكترونيات ومشاريع إنتاج البحث والقياس ومشاريع الطاقة النووية.
حيث أنّ المكننة والأتمتة في الإنتاج تقود إلى ارتفاع نسبة المشاريع المتخصصة في صناعة الآلات وكذلك نتيجة الأتمتة تتغير بنية صناعة الآلات وتظهر مشاريع لإنتاج بعض الآلات الدقيقة كما وان للكهرباء أهمية عظمى في التأثير على بنية المشاريع فتظهر مشاريع لصناعة المولدات والمحولات ومشاريع استهلاك الطاقة الكهربائية.
هذا وإنّ للتقدم الكيميائي أيضاً أثره في أحداث مشاريع لإنتاج المواد الأولية فتظهر مشاريع إنتاج التجهيزات الكيميائية وقد حصل تبدلات كثيرة على بنية المشاريع الاقتصادية من خلال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية والذي له تأثيره على بنية القطّاع المنتج للكهرباء والوقود وكذلك على بعض فروع الصناعات التحويلية.
إنّ تأثير التقدم العلمي التقني على بنية القطاعات والمشاريع كبير ويظهر في تغير التناسب بين إنتاج أدوات العمل وإنتاج مواد العمل في المشاريع والقطاعات المنتجة.
2- مستوى التخصص في الإنتاج
حيث يعكس التخصص في الإنتاج عملية توزيع وتقسيم العمل في المشاريع الاقتصادية حيث كلما كان مستوى التخصص عالياً كلما كانت هناك مشاريع اقتصادية مستقلة أكبر.
وهذا بدوره يؤثر على بنية المشاريع الإنتاجية فيزيدها تعقيدا وهنا تظهر المشاريع المختصة بصناعة الأدوات وإنتاج القطع لصناعة الآلات ومشاريع مستقلة لصيانة الآلات وصناعة العبوات والأغلفة.
3- المستوى المعاشي والثقافي في المجتمع
يؤثر المستوى المعاشي والثقافي والتغيرات التي تطرأ عليه على أنواع وأصناف المنتجات الاستهلاكية والغذائية وكذلك الإلكترونية وبالتالي ظهور مشاريع متخصصة في إنتاج السلع المطلوبة والتي تلبي احتياجات الأفراد في المجتمع كمشاريع صناعات الدراجات العادية والنارية والغسالات الآلية والعادية وغير ذلك مما يناسب وضع الأفراد.
4- توافر الموارد الطبيعية
إنّ توافر الموارد الطبيعية ومصادر المياه والطاقة تؤثر على البنية الهيكلية للمشاريع الاقتصادية ولكن تأثيرها ليس حاسماً دائماً حيث أنّ الكثير من الدول المتقدمة تعتمد في صناعاتها على مواد أولية مستوردة من الخارج.
كما قد تعمد بعض هذه الدول وفي ظروف التقدم التقني إلى إشباع بعض مواردها الطبيعية التي يكون استثمارها بوضعها القائم غير مجد اقتصادياً (انخفاض نسبة الحديد في المواد الأولية ) كما وأن بعض الصناعات الكيميائية تمتلك الإمكانيات للاستفادة من الفضلات والنفايات وتصنيع العديد من المواد الاصطناعية كالخيوط والبلاستيك والجلود وهذا بدوره يضعف إلى حد ما تأثير عامل الموارد الطبيعية على البنية الاقتصادية للمشاريع الإنتاجية
5- الظروف الاجتماعية والتاريخية
فالدول الرأسمالية طورت اقتصادياتها في ظروف الاستقرار السياسي والاقتصادي وذلك من تطوير الإنتاج في الصناعات التحويلية والغذائية إلى أن تمكنت من بناء القاعدة الاقتصادية المتينة في كافة الميادين الزراعية والصناعية والخدمية.
بينما الدول الاشتراكية فكانت مضطرة لتقوية اقتصادها بالاعتماد على الصناعات الثقيلة وصناعة الآلات التي يمكن أن تمثل القاعدة الأساسية للانتقال نحو تحقيق التوازن في البنية الاقتصادية ويعود ذلك إلى الظروف التاريخية والسياسية التي مرت بها هذه الدول.
في حين نجد دولاً أخرى لم تتبع نفس الأسلوب بل تلقت الدعم والعون لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وخلق قطاعات متكاملة فيما بينها وكل دولة تعمل على تدعيم الصناعات التي تتوفر لها القاعدة المادية والتكنيكية وتتبادل مع مجموعة التكامل الاقتصادي المواد والسلع اللازمة من خلال خطة علمية.