يُعتبر اليود من العناصر التي تتواجد بكميات قليلة في الجسم، وهو من المكوّنات الأساسيّة لهرمونات الغدّة الدرقيّة؛ مثل هرمون ثلاثي يود الثيرونين وهرمون الثيروكسين اللذان يلعبان دوراً مُهمَّاً في تصنيع البروتين، والعمليَّات الأيضيَّة في جسم الانسان،
ويوجد عنصر اليود بشكل طبيعي في بعض الأطعمة، ويُضاف إلى بعض الأطعمة الأخرى، كما أنّه يوجد على شكلِ مُكمّلاتٍ غذائيّة، وتجدر الإشارة إلى أن عدم التوازن في نسب اليود في الجسم قد يُسبّب نقصاً، أو فرطاً في نشاط الغدة الدرقية، إذ أنّ ما تتراوح نسبته بين 70% إلى 80% أو من الممكن القول معظم اليود الموجود في الجسم يوجد في الغدَّة الدرقية في الرقبة، أمّا الباقي فيوجد في العضلات، والدم، والمبيضين، وغيرهم من أجزاء الجسم الأخرى،
كما تجدر الإشارة إلى أنَّ الإصابة بنقص اليود في الجسم في الدول التي تدعم الملح به تُعدُّ نادرة الحدوث، إلَّا أنَّ هناك تقريباً 2 بليون شخص حول العالم مُعرَّضين للإصابة بنقص اليود.
تشخيص نقص اليود
إن اليود يخرج بشكل طبيعي من الجسم عن طريق البول؛ فإنَّ أفضل طريقةٍ لتشخيص نقص اليود تكون من خلال فحص عيّنات البول، فإذا كان تركيز عنصر اليود في البول لكل لتر أقلّ من 100 ميكروغرام يُعدّ الشخصُ مُصاباً بنقص اليود،
كما تُعدُّ المرأة الحامل مُصابة بنقص اليود إذا كان تركيز عنصر اليود في البول لكل لتر أقل من 150 ميكروغرام، ويمكن أن يطلب الطبيب فحصاً سريريَّاً، وفحصاً لمستويات الهرمون المُنشّط للغدة الدرقيّة في الدم، فإذا كانت مستوياته غير طبيعيّة، قد يطلب الطبيبُ إجراءَ عدد من الفحوصات الأخرى، أو يُطلب من المريض مُراجعة أخصائيّ الغُددِ الصمَّاء.
عوامل مسبّبة لنقص اليود
هناك أشخاص أكثر عُرضةً للإصابة بنقص اليود من غيرهم، ونذكر من هؤلاء ما يأتي:
1- الأشخاص الذين لا يتناولون الملح المُدعَّم باليود.
2- الأشخاص الذين يعيشون في مناطق تمتلك تُربةً فقيرةً بعُنصر اليود؛ كالمناطق المعرضة للفيضانات، والمناطق الجبليَّة.
3- الأشخاص الذين لا يتناولون الاحتياجات اليوميَّة من اليود، أو الذين يتناولون الأطعمة الغنيَّة بمركبات Goitrogen بشكلٍ كبيرٍ؛ وهي مُركَّباتٌ تُقلّل من امتصاص اليود في الغُدَّة الدرقيَّة؛ وتوجد عادةً في البروكلي والصويا، والملفوف.
4-النساء الحوامل.
أعراض نقص اليود
إن أعراض نقص اليود تتشابه بأعراض قصور الغدَّة الدرقيَّة، أو ما يُعرف بانخفاض هرمونات الغدَّة الدرقيَّة، وذلك لأنَّ الجسم يستخدم في صنع هذه الهرمونات عنصر اليود، إذ يؤدي نقصه إلى عدم مقدرة الجسم على صنع كميّةٍ كافيةٍ من هذه الهرمونات مما يُسبّب قصوراً في الغدة الدرقية، وفيما يأتي بعض مُضاعفات وأعراض نقص اليود في الجسم:
1- انتفاخ الرقبة: يعتبر انتفاخ الغدة الدرقية العارض الأشهر الناتج عن نقص اليود، ويُسمَّى أيضاً بتضخُّم الغدة الدرقية، حيث تعمل الغدّة الدرقية على إنتاج هرموناتها في هذه الحالة بشكلٍ أكبرَ من المُعتاد، ولكنّها بسبب نقص اليود لا تستطيع ذلك، الأمر الذي يُسبّب نموّ وتضاعف الخلايا فيها، وبالتالي تضخُّم حجمها بشكل واضح، ومن المهم ذكر أنّه في حالة عدم المعالجة فإنّها قد تؤدي إلى تلفٍ دائم في أنسجة الغُدّة الدرقية.
2- زيادة غير متوقَّعة للوزن: بما أنه في حال نقص عنصر اليود تكون مستويات هرمونات الغدة الدرقية قليلة وبالتالي فإن حرق السعرات الحرارية أقل حيث أن هرمونات الغدة الدرقية هي التي تتحكّم في سرعة العمليّات الأيضيّة المسؤولة عن تحويل الطعام إلى طاقة وحرارة؛ فنقص هذه الهرمونات يؤدي إلى زيادة تخزين الطعام على شكل دهون، وبالتالي يزيد الوزن.
3- الشعور بالبرد: كما ذكرنا سابقاً يؤدي نقص اليود إلى انخفاض مستويات هرمونات الغدة الدرقية، وبالتالي تقليل سرعة العمليّات الأيضيَّة ممّا يجعل إنتاج الجسم للطاقة الحراريّة أقلّ، فيزيد من الإحساس بالبرد على غير العادة.
4- انخفاض مُعدل ضربات القلب: قد يسبب نقص اليود بشكلٍ حادّ انخفاضاً في مُعدّل ضربات القلب، وبالتالي الشعور بالتعب، والدوخة، والضعف، وفي بعض الأحيان قد تصل الأعراض إلى الإغماء.
5- مشاكل في الذاكرة والتعلم: يؤدي نقص مستويات هرمونات الغُدَّة الدرقيَّة الناجم عن نقص اليود إلى حدوث مشاكل في الذاكرة وفي تعلُّم الأشياء الجديدة، ففي دراسة نشرتها مجلَّة Thyroid عام 2014 تبيّن أنّ المُصابين بانخفاض هرمونات الغدة الدرقية تكون منطقة الدماغ المُسمّاة بالحُصيْن لديهم أصغر من غير المُصابين بهذه المُشكلة، ومن الجدير بالذكر أنّ منطقة الحُصين هي أحد أجزاء الدماغ الذي يؤثر في الذاكرة.
6- عدم انتظام الدورة الشهريّة لدى النساء: حيثُ إنّ نقص مستويات هرمون الغدة الدرقيّة الناجم عن نقص عنصر اليود في الجسم يؤثّر في الهرمونات التي تتحكّم في الدورة الشهريَّة، مما يزيد من شدّة الطمث، ويؤثر أيضاً في مُدّة الدورة الشهريّة.
7- جفاف البشرة: يؤدي نقص هرمونات الغدّة الدرقيّة التي يُعدُّ اليود أحد مكوناتها الأساسيّة إلى جفاف الجلد وتراكم الخلايا الميتة على البشرة.
8- تساقط الشعر: إذ تساهم هرمونات الغدَّة الدرقيَّة في تجديد بُصيلات الشعر، ويؤدي نقص اليود إلى نقص هذه الهرمونات مما يقلل من عمليّة تجديد البُصيلات الأمر الذي يؤدي إلى تساقط الشعر وفُقدانه.
9- الشعور بالتعب: إن نقص مُعدّل العمليات الأيضيّة الناجم عن نقص عنصر اليود يؤدي إلى الشعور بالتعب.
10- مضاعفات نقص اليود لدى المرأة الحامل: إن نقص اليود خلال فترة الحمل قد يؤدي إلى ولادةِ أطفالٍ يُعانون من مشاكل في النمو أو صعوباتٍ في التعلُّم أو مشاكل في السمع أو النطق، وقد يرتبط النقص البسيط في مستويات اليود لدى الحامل بانخفاض الذكاء لدى طفلها، أما في حالة النقص الشديد فيه قد يسبب الإجهاض، أو الولادة المبكرة، أو موت الجنين داخل الرحم، أو الإصابة بتشوّهاتٍ خلقيّة للجنين، لذلك يجب التأكُّد من وجود اليود في مُكمّلات الفيتامينات الخاصة بالحمل، والحرص على تناول 220 ميكروغرام على الأقل من اليود يوميَّاً خلال فترة الحمل.