للتعريف بالقاعدة القانونية علينا أن نتطرق إلى خصائصها.
خصائص القاعدة القانونية
هناك عدة خصائص بارزة للقاعدة القانونية أهمها
القاعدة القانونية ذات طابع اجتماعي
حيث أنّ القاعدة القانونية تنظم سلوك الأشخاص في المجتمع وتحكم علاقاتهم لذا لا يتصور وجود القاعدة القانونية دون مجتمع. فهي تبين لأفراد النظام الواجب اتباعه فيما ينشأ بينهم من علاقات وروابط وتوفق بين مصالحهم المتعارضة ومن هنا فالقاعدة القانونية لا يمكن أن تكون سوى قاعدة اجتماعية وتنعدم الفائدة منها لدى الفرد المنعزل وحده.
وفي الواقع إنّ المجتمع اللازم لوجود القانون لا يتطابق مع أيّ تجمع إنساني في بقعة معينة من الأرض فقد يتجمع عدد من الناس مصادفة في مكان للاستمتاع بمناظر الطبيعة أو الصيد مثلاً غير أن هذا التجمع لا يعدّ مجتمعاً فالمجتمع يقتضي قدراً من الاستقرار لمجموع من الناس وارتباطهم المستمر ثم قدراً من وحدة الأهداف يربط بينهم وكذلك قدراً من التنظيم يسمح لبعض أفراده بإلزام الآخرين باتباع ما يأمرون به.
القاعدة القانونية قاعدة سلوك
وجود المجتمع يحتم وجود القانون كأداة لإقامة النظام فيه وبيان السلوك الواجب على أفراد المجتمع اتباعه والسير على مقتضاه ولذا فقد قيل بحق إن القانون والجماعة لفظان بل فكرتان متلازمتان فحيث يوجد القانون توجد الجماعة وحيث توجد الجماعة يوجد القانون ومن ثم لا بقاء لجماعة لا يكون فيها نظام قانوني إذ تعتبر مثل هذه الجماعة من حالات الصراع والهمجية ويكون مآلها المحتوم هو الفناء.
والقاعدة القانونية هي دائماً قاعدة سلوكية هدفها تنظيم سلوك الأفراد وفي سبيل تحقيق هذا الهدف لا تهتم إلا بالسلوك الخارجي للأفراد فالقانون لا يهتم بالإحساسات أو المشاعر أو النوايا التي تظل كامنة في النفس دون أن يكون لها مظهر خارجي فقد يضمر شخص الحقد والكراهية لغيره من الناس وتظل هذه المشاعر كامنة بداخله دون أن تتخذ أي مظهر خارجي يعبر عنها فهنا لا يتدخل القانون أما إذا اتخذت هذه الأمور شكل سلوك خارجي تمثل في الاعتداء على الغير بالضرب أو القتل مثلاً تدخل القانون ليعاقب صاحب هذا السلوك.
غير أنّ ما تقدم لا يعني أن القاعدة القانونية لا تهتم بالنوايا والبواعث الكامنة في النفس فقد تدخل القاعدة القانونية هذه العوامل الداخلية في الاعتبار ولكنها لا تهتم بمثل هذه الأمور بصفتها هذه بل تهتم بها في حدود صلتها بالسلوك الخارجي للأفراد.
العمومية والتجريد في القاعدة القانونية
يقصد بتجريد القاعدة القانونية صياغتها بحيث تخلو من الصفات والشروط الخاصة التي قد تؤدي إلى تطبيقها على شخص معين بذاته أو على واقعة محددة بعينها.
ويقصد بعموم القاعدة القانونية أنها تسري على جميع الأشخاص المخاطبين بحكمها وعلى جميع الوقائع التي تدخل في مضمونها.
وكون القاعدة القانونية عامة لا يعني أنها تسري بالضرورة على كل الأشخاص في المجتمع بل يكفي أن ينصرف حكمها إلى طائفة من الأشخاص مادام خطاب القاعدة القانونية يوجه إلى هؤلاء بصفاتهم لا بذواتهم ومن ذلك مثلاً القواعد القانونية الخاصة بالمهندسين أو المحامين أو القضاة فهذه القواعد تعتبر قواعد عامة لأنها تنطبق على أشخاص محددين بصفاتهم لا بذواتهم.
وقد تسري القاعدة القانونية على شخص واحد وتعتبر مع ذلك عامة كالقواعد التي تنظم مركز رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو التي تحدد اختصاصات رئيس الجامعة لأن هذه القواعد تتوجه إلى هؤلاء الأشخاص بصفاتهم لا بذواتهم فتسري على كل من يتولى تلك المناصب أي من تتوافر فيه هذه الصفات.
القاعدة القانونية قاعدة ملزمة
من خواص القاعدة القانونية أيضاً أنها قاعدة ملزمة ويقصد بإلزام القاعدة القانونية هنا أنها تعتبر كجزاء يناط بالسلطة العليا في المجتمع توقيعه على من يخالف حكمها.
وعلى الأشخاص المخاطبين بحكم القاعدة القانونية طاعتها وإلا أجبروا على ذلك عن طريق توقيع الجزاء.
فالقانون يهدف إلى تنظيم الروابط والعلاقات بين الأفراد وإقامة النظام والاستقرار في المجتمع ولتحقيق هذه الأهداف لابد أن تكون قواعده ملزمة بجبر الأفراد على احترامها عن طريق توقيع الجزاء على من يخرج على ما يقضي به هذا القانون من سلوك واجب الاتباع.