قبل اختيار الطريقة الأكثر ملائمة، والأفضل اقتصادياً لمعالجة المياه، يجب معرفة الشوائب الموجودة في المصدر المائي، وتأثير هذه الشوائب على الطريقة المتبعة لاستبعادها أو لتقليل تركيزها.
هناك عمليات كثيرة ومتنوعة يمكن إدراجها تحت عنوان معالجة المياه واختيار العملية أو مجموع العمليات يعتمد بالدرجة الأولى على حجم الماء المراد معالجته، على درجة النقاوة المطلوبة، ويجب أن يتم الاختيار بعد معرفة ودراسة مواصفات الماء الخام، وغزارته، وتغيراته في الفصول المختلفة.
بالإضافة إلى دراسة وتقييم إمكانية التخلص من النفايات، وإعادة استخدام الماء الملوث هناك كثير من الصناعات الكيميائية تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء، ولا يمكن استعمال المياه العادية في الصناعات المختلفة، أو للحصول على البخار في المراجل البخارية، إلا بعد إزالة بعض الأملاح الضارة.
وأهمها: أملاح الحديد، والألمنيوم، والكالسيوم، والبوتاسيوم. إن وجود هذه الأملاح في الماء يؤدي إلى عسر الماء من جهة، كما يؤدي إلى الصدأ، وتلف الفلزات التي تتكون منها الأجهزة، والأدوات المستعملة لحفظ أو نقل الماء.
ولكل معمل من المعامل الكبيرة طريقته الخاصة بتنقية مياهه التي يحتاجها في مراحل الصناعة، وكذلك بتطهير بقايا هذه المياه التي تكون ملوثة بأنواع خاصة من المواد الكيميائية والبكتريا، وفيما يلي بعض الأمثلة.
إن أملاح الحديد والمنغنيز مثلاً تتحول بوساطة أكسجين الهواء إلى هيدروكسيدات، وتترسب في الأقنية، وتودي إلى سد المجاري، والأقنية التي يمر فيها الماء. ويؤدي ثاني أكسيد الكربون المنتشر عن هذه الأملاح إلى تآكل الحديد والبيتون التي تتكون منها تلك الأقنية.
إن المراجل البخارية تتطلب استعمال الماء اليسر، لأن استعمال الماء العسر في الغلايات يؤدي إلى ترسب بعض الأملاح وخاصة كربونات الكالسيوم والذي يسمى حجر المراجل، علاوة على كبريتات الكالسيوم، وأملاح المغنيزيوم.
أضرار حجر المراجل
إن وجود تلك الطبقة يؤدي إلى أضرار كثيرة أهمها:
1. عدم وصول الحرارة إلى السائل المسخن، وبالتالي ضياع في الوقود، وقد برهنت التجارب على أن تشكل 1 مم من هذه الطبقة الصلبة في قاع المراجل والغلايات يسبب زيادة في الوقود تقدر ب 6-10%.
2. هذه الطبقة الصلبة المترسبة تشكل طبقة عازلة بين حائط المرجل الحديدي والماء، أو السائل الموجود، فترتفع درجة حرارة حائط المرجل إلى 800 C0 مع استمرار التسخين، بينما حرارة الماء لا تتجاوز ال 100 C0، وأي حركة أو هزة للمرجل تؤدي لسقوط قطع من هذه الطبقة الجيرية إلى القاع.
حيث يتلامس الماء وهو في الدرجة 100 C0 مع الحائط الحديدي للمرجل وهو في الدرجة 800 C0، كما ذكرنا، مما ينتج عنه تبخر فجائي للماء، فيزيد ضغط البخار بشكل يؤدي إلى انفجار المرجل أو الغلاية.
3. إن أملاح المغنيزيوم التي ترد في الماء وبالأخص كلوريد وكبريتات المغنيزيوم تتأين بشدة، وتتحد مع الماء مكونة الحمض والملح القاعدي.
وهذا الحمض يذيب أكسيد الحديد وغيره من الصدأ المتكون بوجود الماء في الغلاية، يتآكل الحديد يوماً بعد يوم، وقد يؤدي هذا التآكل مع طول الزمن إلى تكوين أمكنة رقيقة في حائط المرجل أو الغلاية، فإذا زاد الضغط في المرجل تصبح نقاط الضعف هذه عرضة للانفجار.
وفي صناعات الجليد يجب أن تنقى المياه لإزالة بعض الأملاح الضارة قبل استعمالها، فهذه المياه يجب أن تكون فقيرة بالكربونات لكي لا يصبح الجليد عكراً.
ويجب أن تكون المياه المستعملة في معامل السكر خالية من كربونات الكالسيوم وكلوريد الصوديوم لأنها تؤثر على طعم السكر. أما صناعة الغزل والنسيج فتتطلب ماء خالياً من أملاح الحديد والمنغنيز، وأن تكون المياه يسرة ونقية، إذ أن وجود أملاح الحديدي والمنغنيز تؤدي إلى ترسيب هذه الأملاح على الأنسجة ثم أكسدتها إلى أملاح الحديد مثلاً فينتج عنها بقع سمراء على الأنسجة يصعب إزالتها بعد ذلك.