على الرغم من أن جميع الدراسات تؤكد أن الإدارة بوصفها نشاطاً قديم قدم الإنسان فمنذ ظهور الإنسان الأول على الأرض حيث يقال أن آدم قد أمر زوجته بالبقاء في البيت و ذهب هو إلى الصيد و يعتبر ذلك تقسيما للعمل و تقسيم العمل هو أساس التنظيم الذي بدوره أساس الإدارة.
فمنذ تكون المجتمع المشاعي أو البدائي كانت كل مشاعة أو جماعة أو قبيلة تقوم بتنصيب زعيم أو قائد لها يقوم بإدارة شؤونها وتوزيع الناتج بين أعضائها إلا أن الإدارة بوصفها علما له قواعد وأصول و نظريات شيء حديث نسبيا لم يظهر إلاّ في نهاية القرن التاسع عشر بداية القرن العشرين.
المبرر الأساسي لوجود الإدارة :
تتلخص المشكلة الإقتصادية لكل فرد أو جماعة أو منظمة او دولة في أن هناك تناقض بين الحاجات و الرغبات التي تزداد كما و نوعا و بشكل متجدد و بين الموارد المادية و البشرية اللازمة لاشباع هذه الحاجات و الرغبات و التي غالبا ما تتصف بأنها محدودة ( تتصف بالندرة النسبية ) ، و بعضها يتناقص باستمرار كالنفط و الغاز.
و هنا نرى عدم توازن بين طرفي المعادلة فحاجات الناس سواء الأساسية منها كالحاجة إلى المسكن و الملبس و المأكل او الاجتماعية كالحاجة إلى التعاون و الصداقة و الأمان و الانتماء أو الحاجات النفسية كالحاجة إلى الاحترام و تاكيد النات و التميّز و غيرها و هذه الحاجات تتصف بأنها :
1- تزداد بشكل دائم بمعنى عدد الحاجات أكبر فمثلا قبل اختراع الكهرباء لم يكن هناك حاجة للبرّاد و الغسالة و التلفزيزن و المكواة و غير ذلك.
2- تتطور باستمرار( نوعية الحاجات ) و ذلك بسبب التقدم العلمي و الحضاري و ارتفاع مستوى المعيشة و زيادة مداخيل الأفراد و التغيّر المستمر في أذواق و رغبات المستهلكين فحاجاتنا و رغباتنا تختلف من حيث النوع عن حاجات أبائنا و أجدادنا ، فغسّالة الوتوماتيك تختلف عن الغسّالة اليدوية و سيارة موديل حديث تختلف في الميزات والخدمات التي تقدّمها عن سيارات منتصف القرن الماضي وغير ذلك.
3- إن الحاجات الإنسانية متجدّدة بمعنى أننا قد نشبع حاجتنا اليوم للطعام و لكن ستظهرهذه الحاجة من جديد غدا و سنبحث عن الإشباع مّات اخرى.
العوامل التي أدت إلى تأخر ظهور الإدارة كعلم :
1- النظرة غير الموضوعية لرجال الأعمال و التجارة :
تدل الكثير من الدراسات والأبحاث إلى أن المجتمعات الأوربية، وكذلك بعض الشعوب القديمة لم تكن تنظر إلى الأعمال التجارية نظرة احترام وتقدير . فقد وصف ” أرسطو ” في كتابه ” السياسة والأخلاق ” رجال الأعمال بأنهم حفنة من الناس المخادعين، وعد أعمال البيع والشراء إدارة غير طبيعية لأنها وسيلة يكسب بها الناس من بعضهم لذلك طالب بضرورة مراقبتها.
كما قلل آدم سميث من شأن رجال الأعمال في كتابه ” ثروة الأمم “، الذي أصدره عام 1776م، حيث وصفهم بأنهم فئة من الناس لا يمكن أن تتفق مصالحهم مع مصالح الجمهور؛ ذلك لأن هذه المصالح تقوم على خداع الجمهور وغشه, وقد سخر نابليون بونابارت من التجارة عندما وصف بريطانيا بأنها مجموعة من أصحاب المتاجر.
2- تأخر اهتمام علماء الاقتصاد بالأمور والمشاكل الإدارية :
تشير كافة الدراسات والأبحاث الاقتصادية إلى تأخر اهتمام علماء الاقتصاد بالأمور والمشاكل الإدارية، لأن اهتمامهم كان يتركز بالدرجة الأولى خلال القرون الماضية على مسائل الاقتصاد السياسي مثل كيفية زيادة الثروات الاقتصادية للأمم وتوزيعها على عوامل الإنتاج ، والتسعير والمنافسة وغيرها من المسائل الاقتصادية الأخرى على مستوى الاقتصاد الكلي.
3- النظرة السطحية للإدارة :
على الرغم من أهمية الإدارة في وقتنا الراهن ودورها الكبير في نجاح أية منظمة أو فشلها . إلا أنه مازال الكثير من المسؤولين وخصوصاً في الدول النامية ينظرون إلى الإدارة على أنها فن من الفنون يعتمد على المواهب والإمكانيات الشخصية فقط ، ولذلك يستحيل عليها التقيد بمبادئ وقواعد محددة.
الأمر الذي يدفع بهؤلاء إلى تعيين الأقارب والأصدقاء في الكثير من الوظائف الإدارية بغض النظر عن تأهيلهم وكفاءتهم مما أدى إلى ركود هذا العلم وتأخر ظهوره.
4- التأخر في تطبيق نظريات وأبحاث العلوم الاجتماعية والنفسية في مجال الأعمال الإدارية :
يعد علم الإدارة جزءاً لا يتجزأ من العلوم الاجتماعية، لذلك فهو يعتمد في نجاحه واستمرار تطوره على النتائج المتحققة في مجال العلوم النفسية والاجتماعية التي تهتم بدراسة سلوك الفرد في العمل، واكتشاف العوامل المؤثرة فيه، وفي كفاءته الإنتاجية بوصفه يمثل محور العملية الإدارية والإنتاجية ، بغية العمل على تحديدها وتوجيهها الوجهة الصحيحة التي تكفل إيجاد المناخ الملائم والإيجابي للعمل عن طريق مراعاة كافة القضايا والجوانب النفسية والسلوكية الكفيلة بتحفيز العاملين مادياً ومعنوياً لزيادة الإنتاجية وتحسين نوعيتها.