الإدمان كالسجن وحياة المدمن هي أسر وعذاب فالمدمن أسير لرغباته الإدمانية وفي المراحل النهائية من عملية الإدمان تتلخص الحياة بنظر المدمن بإشباع حاجاته الجامحة نحو الإدمان فالمدمن يرى أن لحظة الإدمان هي لحظة سعادة لا يمكن وصفها ولا يمكن أن يصل إليها بطرق طبيعية.
إنّ أي شخص في هذه الحياة معرّض لأن يكون مدمناً فالإدمان يدخل أحياناً إلى أرقى العائلات والمجتمعات فهو ليس حكراً على الأسر المليئة بالاضطرابات والمشاكل بل يدخل حياة الأسر السليمة والسعيدة ولا يرتبط بالحالة الاقتصادية للأسرة فهو موجود في الأسر الميسورة والغنية والأسر الفقيرة والمحتاجة وإضافة إلى ذلك كله لا يميز بين النساء والرجال فيمكن أن يتواجد عند الطرفين كما أنه لا يميز بين الناس الاجتماعيين والناس المنطويين.
إنّ المراحل الأولى للإدمان تعطي المدمن إحساسه بأنّ الحياة ابتسمت له ويشعر بأنه أكثر قدرة على العمل والشعور بالسعادة لكن الإدمان له حسابات يجب أن تدفع لاحقاً فهو يأخذ من حياة الشخص المدمن الكثير والكثير فالمدمن يعاني من المشاعر السلبية كالوحدة والذنب والخوف والغضب والحزن وتتدهور قدراته الإدراكية وكل هذا يؤدي إلى غياب الانسجام العام لديه.
المدمن والمجتمع المحيط
المدمن لديه منطق خطير فهو يشكّ في أقرب الناس إليه ومع الزمن يكرههم ويعاديهم حيث يجد المدمن هؤلاء الناس سداً كبيراً في حياته يحول بينه وبين الإدمان وهذا يهدد علاقته بالآخرين والناس المقربين بالدرجة الأولى فيشعر الأهل أن هذا الشخص غريب عنهم وكأنهم لا يعرفونه وهذا الإحساس لا يكون فقط عند الأهل بل هو موجود عند المدمن فهو يشعر بالغربة مع أهله وأصدقائه ومن هنا نجد أنه كلما توثقت العلاقة بين الإدمان والمدمن كلما ضعفت العلاقة بينه وبين أهله وأصدقائه فالإدمان لا يقبل أن يشاركه أحد بل يتملك الفرد ويتسلط عليه فالأنانية من أهم صفاته وأكثرها ظهوراً ووضوح.
عوامل تسهل الإدمان
هناك العديد من العوامل التي تساهم في الإدمان:
- البيئة الاجتماعية تمدّ الفرد بالمعلومات والمعرفة اللازمة عن الإدمان كالدواء ولعب الورق والحبوب وشرب الكحوليات.
- ترويج بعض الناس من حولنا للأفعال الإدمانية ومساعدة الفرد على اكتشافها للوصول إلى القوة والسعادة.
- استخدام المعرفة التي أخذت عن الإدمان للوصول إلى السعادة وتحقيقها فهي تعلّم كيفية الوصول إلى هذا الشعور وتعرف الفرد على أدوات الإدمان.
- إمكانية الإنسان الجسدية والعاطفية التي تشجعه على الإدمان وتحدد استعداداته لذلك وشدة تعلقه بهذا الأمر أو عدمها.
- تحقيق بعض الأهداف كالسعادة والقوة واللذة والراحة حيث يربط المدمنون قوة التركيز عندهم والإنجاز بالإدمان فهم مقتنعون بأنه يزيد من تركيزهم وفعاليتهم أثناء العمل ويزيد من سرعتهم أيضاً.
أماكن توافر المواد المخدرة
عندما تتواجد المادة يزداد التعاطي والإدمان لذلك يكثر الإدمان في المطاعم والحانات التي تقدم للزبائن المشروبات الكحولية كما ينتشر تعاطي الحبوب المهدئة والمورفين وغيرها بين الصيادلة والأطباء والممرضين وعمال شركات الأدوية وإنّ المادة عندما تكون في شكلها الأولي يكون مفعولها ضعيف ولا تحدث إدماناً كبيراً فالأفيون الخام يحدث إدماناً أقل من الهيروين.
المجتمع ونظرته للمواد المخدرة
المجتمعات تختلف بنظرتها للمواد المخدرة فبعضهم يقبل الخمر والتدخين ويرفض الحشيش والعقاقير التي تسبب الهلوسة وبالرغم من أن المواد كلها مواد مخدرة ومرفوضة ومضرة وهذا يرتبط ويعود إلى قدم المادة فكلما كان وجود المادة متأصلاً زاد تقبله في المجتمع والظروف الاقتصادية تلعب دوراً في ذلك فتوافر المادة ورخص ثمنها يساعد في انتشارها بشكل كبير.
لكن الإدمان بكافة أشكاله سواء كان مقبولاً في المجتمع أو مرفوضاً له آثار سلبية على صحة الإنسان والتعاطي ينقص العمر ويزيد من الأمراض الخطيرة في المجتمعات ويؤثر على إنتاجية الشعوب وعطائها.