منذ أقدم العصور وحتى الآن مازالت الفيضانات تغمر الأراضي وتهلك المواشي وتغرق البشر فتلحق الخراب والدمار بالأراضي والقرى والمدن المجاورة، وبتقدم علم ميكانيك التربة وعلوم المياه بدأت إقامة السدود الترابية على مجاري الأنهار والسيول لتخزين مياه الفيضانات، كما بذلت الجهود في دراسة أسس حدوث الفيضانات وفي تنفيذ المنشآت الهندسية وفي اتخاذ الإجراءات اللازمة للتخفيف من كوارث الفيضانات والحيلولة دون وقوعها.
لقد تركزت جهود المهندسين في المؤتمرات والجمعيات والهيئات الدولية، منها الهيئة الدولية للري والصرف، الهيئة الدولية للسدود الكبيرة وغيرها، على مناقشة أسباب حدوث الفيضانات عناصرها من حيث الهطول والأحواض المائية، وعن قياساتها وطرق تقديرها ودراسة جريانها والتنبؤ عنها وطرق التحكم بها والاستفادة من مياهها وتعتبر المفيضات والمفرغات من المنشآت الخاصة الملحقة بالمنشآت المائية.
تعريف الفيضان
الفيضان هو كل جريان تزيد غزارته عن الجريان السنوي الوسطي وتتجاوز مياهه جوانب المجرى المائي فتغمر الأراضي المجاورة ويحدث الأضرار كما يعرف أنه ارتفاع منسوب ماء النهر إلى حد خطر، أو هو الغزارة العظمى التي تصمم بموجبها حجوم خزانات هدفها جمع المياه للري أو للشرب أو تأمين حجم كاف لدرء أخطار الفيضانات والحيلولة دون كوارثها.
عناصر تشكل الفيضانات
تحدث الفيضانات بعد الهطول المطري أو بعد ذوبان الثلوج فوق حوض النهر والمرتفعات المحيط به، ولمميزات الهطول ومميزات الحوض النهري، ولمدى توافق وتراكب عناصر الهطول والحوض بالإضافة إلى درجة الحرارة والرطوبة السابقة في التربة، أكبر الأثر في حدوث الفيضانات، وتنعكس آثار هذه المميزات ونتائج هذا التوافق والتراكب على المخططات المائية للفيضانات من حيث أشكالها وغزارتها العظمى وحجومها وفترات حدوثها.
فتؤثر العواصف المطرية من حيث توزع غزارات هطولها زمنياً ومساحة فوق الحوض، ومن حيث حمولتها من بخار الماء واتجاه وسرعة حركتها وشدة هطولها، على المخطط المائي للفيضان. كما تؤثر مميزات حوض النهر وخاصة مساحة الحوض وشكل سطحه وكثافة الأخاديد والمجاري فيه واتجاه وميل سطحه، والميل الطولي للمجرى الرئيسي فيه وتغير مناسيب أرضه وطبوغرافتيه وجيولوجيته وصفات تربته وغطاؤه النباتي والتخزين في بحيراته ومنخفضاته ومجاريه وتربته.
قياس الفيضانات
تقاس الفيضانات بإحدى الطرق التالية:
بالاعتماد على مقاييس شاقولية مدرجة تدل على الزيادة في منسوب ماء النهر، وتوضع خاصة قرب المدن والقرى والمناطق الزراعية الآهلة بالسكان.
بالاعتماد على أجهزة قياس سرعة الجريان المائي في مواقع من النهر ذات مقاطع عرضية معروفة وثابتة قدر الإمكان.
بالاعتماد على علاقات مائية معروفة في تحديد غزارة الجريان تحت جسر ذي مقطع ثابت أو فوق مفيض قرب أحد السدود.
بالاعتماد على تغير حجم التخزين أمام أحد السدود لقياس حجم الفيضان، كما تقاس المدة التي يتم خلالها انتقال موجة الفيضان في كل قسم من أقسام النهر، ويجب الانتباه عند قياس غزارة الفيضان إلى تزايد ميل خط الطاقة حين يكون الفيضان في مرحلة التزايد وإلى انخفاض خط هذه الطاقة حين يصبح الفيضان في مرحلة التناقص مما يؤدي إلى وجود غزارتين مختلفتين للجريان من أجل نفس عمق الماء وفي نفس المقطع العرضي للنهر.
وغالباً يتم الاكتفاء بالتقديرات الهيدرولوجية لغزارة الفيضانات لا سيما بالنسبة للأحواض المائية الصغيرة بالاعتماد على تطبيق بعض العلاقات التجريبية التي تعتمد على الخبرة، وكذلك الحال عند تقدير غزارة الفيضانات الكبيرة جداً في الأحواض المائية الواسعة وذات التردد الضعيف، حيث يعتمد على العلاقات الرياضية الاحتمالية أو على دراسات مميزات الهطول ومميزات الأحواض المائية.
وفي بعض الأحواض المائية الهامة تنظم مخططات بيانية تعطي مباشرة تواتر غزارات وحجوم الفيضانات وارتفاع مياهها في أماكن عديدة من كل حوض بدلالة المساحة المغذية للنهر في كل مكان، وكذلك بدلالة الفيضان السنوي الوسطي لكل من هذه المساحات الجزئية في الحوض.