إنّ لوجود تجمعات المادة العضوية المحفوظة تحت سطح البحر (في ظروف مائية لا هوائية) أهمية كبيرة كونها مصدر لتشكل الصخور المولدة للنفط.
لقد استخدم مصطلح المادة العضوية (Organic Matter) للدلالة على الخام المكون من الجزيئات العضوية الموجودة بشكلها البسيط أو المركب والتي تنتج بشكل مباشر أو غير مباشر من البقايا العضوية للكائن الحي.
ولا تدخل في مكونات المادة العضوية الأجزاء المعدنية من الهيكل الحيواني مثل الأصداف و العظام والأسنان ، وأول ما يجب أن يتم للمادة العضوية هو حفظها بعيدا عن التحلل ومن ثم توضعها وحفظها داخل الرسوبيات، وتبعاً للمظاهر الجيولوجية اللاحقة فإنّ قسم التوضعات الرسوبية المكون من المادة العضوية يمكن أن يتحول إلى مركبات شبه نفطية.
أكثر الصخور ملائمة من حيث تركيبها المنرالوجي (الفلزي) لحفظ تراكمات المادة العضوية هي مركبات فلزات الغضار (غضار، غضار صفحي ،غضار صفحي كلسي) والتي يطلق عليها اسم الصخور المولدة للنفط عندما تحتوي على الكمية المحددة من المادة العضوية حيث يكون بإمكانها توليد نفوط اقتصادية.
العلاقة بين الصخور المولدة والأوساط الترسيبية
يمكن حصر الأوساط الترسيبية التي تؤمن محتوى جيدا من المادة العضوية ، وتؤمن لاحقاً حفظ المادة العضوية لتكون قادرة على إنتاج النفط إلى الأوساط والبيئات التالية:
1- بيئات الترسيب الغضارية البحرية
تتصف بيئات الترسيب الغضارية البحرية الهادئة بقدرتها على تأمين سماكات كبيرة من الرسوبيات الغضارية ذات الأوساط المرجعة (تحوي على كبريت الحديد FeS2 ) ويكون لونها قاتماً وقد تحوي عدسات رملية وتوجد مثل هذه الأوساط في المناطق ذات الصفات الترسيبية البحرية العميقة.
والتي تجاور مناطق مصبات الأنهار الكبرى أو التيارات البحرية الداخلية حيث يتوفر لها مجلوبات مواد حطامية ناعمة تكون غنية ببقايا نباتية حيوانية ونباتية ذات أصل بحري أو قاري، وتكون هذه البقايا وبسبب سرعة دفنها في هذه الأوساط ذات قدرة كبيرة على إنتاج الكيروجين (المادة الأولية التي تنتج عن التحلل اللاهوائي للمادة العضوية) الذي يعطي زيوتاً بارافينية وبصورة أقل زيوت نفتينو- بارافينية حيث تتميز زيوت هذه الأوساط:
- كونها ذات محتوى من الفحوم الهيروجينية المشبعة يصل إلى 60 -80 %.
- يكون محتواها من الزيوت العطرية من 10-25%.
- كونها تحتوي قليلاً من المركبات الثقيلة ونسبة ضعيفة جداً من مركبات الكبريت والذي يكون أحياناً معدوماً.
2- بيئات الترسيب الكربوناتية البحرية
تتميز مناطق توضع الأوحال المكريتية والكلسية العضوية والتي تكون قادرة على حفظ المادة العضوية فيها بشكل جيد بأن الكيروجين المتشكل في مثل هذه البيئات ذو نوعية جيدة من خلال ارتفاع نسبة (H/C) وهي تتميز أيضاً بسرعة تماسكها وسهولة تشقق صخورها كونها ذات مرونة ضعيفة (مقارنة مع الغضارية).
وهذا مايسهّل طرد القسم الأكبر من الفحوم الهيدروجينية منها، أي أنّ عامل المردود النفطي الأولي فيها كبيراً تتصف السوائل الهيدروكربونية المتشكلة في الأوساط الترسيبية الكربوناتية بكونها ثقيلة (نفط ناتج عن المادة العضوية الحيوانية) وتحتوي على بعض العناصر النادرة (Cu , Ni, Ma , U , Co).
مثال: الزيوت المتشكلة في الحجر الكلسي والمحفوظة فيه أيضاً في حقول العراق وسوريا.
3- بيئات الترسيب العذبة (البحيرية)
تعد الأوساط البحرية الترسيبية بشكل عام مولدة للفحوم الهيدروجينية، وذلك لأنها أغنى بالمادة العضوية من الأوساط البحيرية العذبة ،لسرعة طمر المادة العضوية وحمايتها من التأكسد بالهواء مباشرة ،الشيء الذي لا يتوافر في الأوساط البحيرية بسبب التماس المباشر أو شبه المباشر مع الهواء الجوي للمادة العضوية المتوضعة ضمن رسوبيات هذه البيئات مما يؤدي إلى تفسّخ هوائي للقسم الأكبر من هذه المادة على الرغم من غناها الكبير بالمادة العضوية مقارنة مع الأوساط البحرية.
لقد قدمت التوضعات البحيرية معطيات على قدراتها التوليدية في العديد من المناطق وذلك لبعض المركبات الهيدروكربونية من غازية ونفطية مثال تشكيلات الأيوسين للنهر الأخضر في ولاية كولورادو في الولايات المتحدة الأمريكية وفي صخور الفحمي في المملكة المتحدة.
يمكن أن نميز في الأوساط البحيرية نظامين لتجمعات المادة العضوية :
- نطاق سطحي غني بالمادة العضوية مع وجود أوساط مؤكسدة على تماس مباشر مع الهواء الجوي.
- نطاق سفلي أيضاً غني بالمادة العضوية ومياه هادئة ذات وسط أقل أكسدة إلى مرجع.
وبهذا الشكل نجد أنّ المياه البحيرية العذبة تملك بيئات مؤهلة لحفظ المادة العضوية بشكل جزئي يؤدي إلى حفظ كمية لا بأس فيها من المادة العضوية الغزيرة التي تتوافر في هذه البيئات والتي تؤدي لاحقاً بعد زيادة طمرها وتعمقها إلى إنتاج الكيروجين الذي يؤدي بنفس الوقت إلى تشكيل المادة النفطية والغازية.