إن الإيجابيات التي حققتها القاعدة الورقية جعلت منها القاعدة الأفضل، ويتمنى الجميع لو طبقت هذه القاعدة في القرن التاسع عشر لحققت الإيجابيات للحكومات والشعوب والأمم، ولما حدثت الحروب التي كانت بسبب الذهب والسيطرة على التجارة آنذاك.
إلا أن الإيجابيات والآليات التي تعمل بها هذه القاعدة لا تخلو من صعوبات وسلبيات تؤثر على فعالية وكفاءة العمل بهذه القاعدة.
إيجابيات القاعدة الورقية:
إن هذه القاعدة التي تخوف منها الأفراد بشكل كبير عند تطبيقها، لاحظوا بأنها مرنة وتتناسب مع كل اقتصاد وطني، وقادرة على التكيف مع كل الظروف، بعكس قاعدة الذهب التي لم تسمح بالتدخل وبقيت جامدة حتى انتهاء العمل بها عام 1914
حققت القاعدة الورقية المزايا التالية:
1 ـ ارتبطت قيمة النقد الوطني بالناتج بعد أن كانت النقود الذهبية مرتبطة بإنتاج الذهب، وأصبح بمقدور أي دولة أن تتحكم بقيمة عملتها الوطنية.
2 ـ انفصلت العلاقة بين النقود الورقية والذهب وأصبح من غير الضروري وجود احتياطيات ذهبية لكي تصدر الدولة النقد، وأصبحت الاحتياطيات (الإنتاج).
3 ـ ازدادت قدرة السلطات النقدية على التدخل واستخدام النقد كوسيلة لتشجيع الإنتاج أو تشجيع التصدير، والتحكم في المتغيرات الاقتصادية من الادخار والاستثمار والعمالة والتصنيع والدخول.. وغيرها.
4 ـ ازدادت قدرة الدولة على معالجة الأمراض الاقتصادية، ففي أوقات الركود تزيد حجم الإصدار أو تزيد حجم القروض فتزداد السيولة ويخرج الاقتصاد من حالة الركود، وفي حالات التضخم تسحب الفائض من السيولة عن طريق القروض العامة أو زيادة سعر الفائدة فتتجمع الأموال في المصارف فينخفض حجم السيولة وينخفض معدل التضخم.
5 ـ التحكم بالأسعار والدخول وتحقيق التوازن الاقتصادي، فأي نظام اقتصادي يسعى للموازنة بين المستوى العام للأسعار ومستوى الدخول، فإذا كان الإصدار مرتبطاً بالناتج تحقق هذا التوازن، وإذا زاد الإصدار اختل التوازن واختلت الأسعار وتتدهور الدخول.
إن هذه المزايا لم تظهر صدفة، بل جاءت ردا على الجمود الذي لحق بقاعدة الذهب وعدم إمكانيتها على معالجة جمود الأسعار، وعدم قدرة الدولة على إيقاف نزيف الذهب في أوقات الحروب، فالنقد الوطني الورقي أصبح أداة بيد الدولة لكي تسيطر على حركة المتغيرات الاقتصادية بالاتجاه الذي يحقق أهداف الدولة وطموحاتها وتحقيق خططها الاقتصادية.
سلبيات القاعدة الورقية:
1 ـ إن هذه القاعدة تسمح للحكومات بزيادة الإصدار استناداً لحالة الناتج، فإذا اضطرت الحكومة لزيادة الإصدار بسبب تمويل العجز في الموازنة العامة للدولة فإنها تفعل ذلك بدلاً من الاقتراض من الجمهور أو سوق المال، لأنها بدون تكلفة الأمر الذي يؤدي لحدوث التضخم.
2 ـ إن زيادة حجم الإصدار النقدي لا تؤدي إلى التضخم فحسب، بل إلى زيادة حدة التفاوت بين الدخول، فالملاكين يزدادون في ظل التضخم غنى والفقراء يزدادون فقرا وتتأثر جميع القطاعات الاقتصادية، ويحصل ما يسمى سوء توزيع الدخل القومي ويدخل الاقتصاد في المرض الجديد «الركود التضخمي».
3 ـ إن زيادة حجم الإصدار تؤثر على أسعار الصرف للعملة الوطنية، فإذا كانت عملة البلد معتمدة من قبل صندوق النقد الدولي فإن ذلك لا يؤثر على البلد نفسه، بل يؤثر على كافة البلدان التي تعتمد عملة هذا البلد.
4 ـ لا تستطيع القاعدة الورقية وضع القيود على المعاملات المالية في أسواق المال رغم وجود العديد من الإجراءات والقوانين الأمر الذي يؤدي لزيادة حجم المضاربة فيزداد حجم المضاربات على حساب الإنتاج الحقيقي والاقتصاد الحقيقي فيؤدي ذلك لحدوث الأزمات المالية الكبرى مثل أزمة عام 1987م في الولايات المتحدة والأزمة الآسيوية عام 1997م والأزمة المالية عام 2008م في الولايات المتحدة الأمريكية وفي بريطانيا وغيرها.
5 ـ إذا لم يتوفر على رأس السلطات النقدية الخبرات اللازمة فإن إدارة النقد سوف لن تصل إلى الإيجابيات التي تحققها هذه القاعدة في تشجيع الإنتاج والتصدير وتشغيل العمال وتصنيع المواد الأولية، بل ستكون النقود عبئا على الاقتصاد، وسوف تحصل المشاكل والصعوبات قبل أن تكون معتمدة من قبل الدولة، لذلك تحتاج هذه القاعدة للعديد من الخبرات المالية والنقدية لكي توجه السلطات النقدية بالاتجاه الصحيح.