قد يظن البعض أن نشأة المصارف حديثة و جاءت مع التطور الاقتصادي الحديث، ولكن في الحقيقة يعود ظهور المصارف للحضارات القديمة، فقد ظهر في المملكة البابلية عام 2000 ق.م مصرف أنشر في مدينة أور على موانئ الخليج العربي وقد تخصص بتجارة المعادن والعاج والمرمر.
وظهر فيما بعد في مدينة بابل مصرفا سمي نيبتهادن تخصص بتجارة المعادن الثمينة الذهب والفضة، كما وتأسس مصرف آخر سمي آجبي تخصص بتجارة الرقيق والنبيذ.
لقد حددت شريعة حمورابي مجموعة من الأسس والقوانين لتنظيم الودائع والقروض وسعر الفائدة (100% ـ إلى 400%) أحيانا كما وحدد قانون حمورابي جميع التنظيمات التجارية الداخلية والخارجية.
وكانت الكتابة تتم على ألواح الطين وعليها شهود وفترات التسليم وزمن السداد والفائدة وغيرها.
كما وعرفت الصين عام 600 ق.م ظهور المصارف، وكانت هذه المصارف تودع الأموال للمواطنين مقابل شهادات إيداع، وطورت نظام التحويل من مصرف إلى آخر ونظام شهادات الإيداع والحوالات وغيرها.
وعرفت الحضارة الفارسية نظام الصيارفة وحفظ الأموال ونقلها بين أقاليم الدولة المترامية الأطراف، وبشكل خاص نظام إصدار النقود وحفظ الودائع وغيرها.
في القرن السادس الميلادي عرفت الحضارة الإسلامية ظهور أنظمة الصيرفة لدى الصياغ والصيارفة، فكان الصائغ يحفظ الأموال ويقدم لصاحبها وثيقة إيداع، يتم تداولها بين المدن والأقاليم حتى أن الصياغ والصيارفة على طريق الحرير كانوا يتعاملون بهذه الوثائق وسميت (النقود التمثيلية) وكانت التصفية تتم في نهاية كل عام.
أما في أوروبا فقد تأخر ظهور العمل المصرفي كثيرا، أي إلى نهاية العصور الوسطى، لكن كهنة المعابد واليهود كانوا يهتمون بالإقراض مقابل فائدة مرتفعة.
وفي أوقات متأخرة ظهر في المدن الإيطالية وإسبانيا واليونان خاصة على شواطئ المتوسط ( مكان نشاط التجارة ) صيارفة قاموا بحفظ الأموال لكبار التجار والإقطاعيين مقابل عمولة معينة وكانوا يقرضون الأفراد الآخرين من أموالهم الخاصة.
ونظرا لقيام الصيارفة بالإقراض مقابل فائدة، فقد سمحوا لأنفسهم باستخدام الأموال المودعة لديهم بشكل غير علني ودون علم أصحابها، مما أدى لإفلاس البعض منهم عندما تعثر المقترضون، وظهرت بعض الفضائح المالية في إيطاليا وإسبانيا واليونان في العصور الوسطى عندما تعرض الصياغ للإفلاس.
إن هذه العملية بشكلها غير المعلن دفعت فريقا آخر من الصياغ لحفظ الودائع للأفراد مقابل فائدة معينة والسماح لهم باستثمارها مقابل فائدة أعلى، وكانت هذه الفكرة بداية لظهور المصرف كمؤسسة مالية مستقلة.
لكن إفلاس البعض من هؤلاء مرة ثانية، قد دفع المفكرين للمطالبة بتأسيس مصارف حكومية، تكون تحت سلطة ورقابة الدولة، خوفا من التلاعب بأموال المواطنين.
وهكذا تأسس أول مصرف حكومي في مدينة البندقية في إيطاليا عام 1587م وفي هولندا ـ أمستردام عام 1609م.
وكانت برشلونة قد سبقت البندقية حيث تأسس بنكها عام 1401م ثم تبعتها بريطانيا عام 1694 وبنك اسكتلندا عام 1695م.
أما في سورية فقد ظهر أول مصرف في دمشق عام 1888م وهو المصرف الزراعي وكان مصرفاً عثمانياً أيام حكم الدولة العلية العثمانية.