اعتقد العلماء الفلاسفة في القديم وحتى آلاف السنين أنّ الجنين الذي تحمله المرأة في رحمها هو من ماء الرجل وحده، وأنّ رحمها هو حاضن له فقط حيث قاموا بتشبيه الجنين بالبذرة التي تزرع في الأرض ومن ثم تنمو لتصبح شجرة يانعة.
أشهر نظريات تشكل الجنين
ومن أشهر هذه النظريات التي تطرقت إلى تشكل الجنين:
نظرية أرسطو
لقّب أرسطو بالمعلم الأول حيث يعدّ من أشهر الفلاسفة اليونانيين وقد كانت نظريته تقول أنّ الجنين يتكون ويتخلّق من دم الحيض بواسطة المني الذي يقوم بعقده وتحويله كما تفعل الأنفحة بالحليب حيث تحوله إلى لبن أي تخثره ونفى أن يكون للمني دور في تشكل الجنين.
نظرية هيبوقراط
لقب هيبوقراط بأبي الطب، وقد بنى نظريته على أساس أنّ الطفل يشابه أمه وأبوه ويحمل من كليهما صفاتاً شكلية ونفسية وبالتالي لابد من اشتراكهما معاً في تركيب الجنين وتشكيله، وبهذا يكون قد خالف أرسطو في نظريته.
نظرية الطبيب جالينوس
لقد قام جالينوس بانتقاد فلسفة أرسطو ورفضها بشكل قاطع، ولكنه أيّد هيبوقراط واعتبر أنّ ممثلي الأعضاء يجتمعون في الخصيتين وليس في رحم المرأة.
مفهوم تشكل الجنين في القرون الوسطى
سادت في القرون الوسطى تعاليم ابن سينا الذي لقب في عصره برئيس الفلاسفة وقد أيّد أفكار هيبوقراط وجالينوس، مع احترام أفكار أرسطو.
وعدّ أنّ الأمراض هي من اختصاص الطب أما بالنسبة لتكوّن الجنين وتخلقه فهو من اختصاص الفلسفة وبالنسبة للطبيب العربي ابن القيم فقد عارض بشدة أفكار أرسطو واعتبر أنّ المرأة شريكة في صنع الجنين، فهو نتاج اتحاد واجتماع نطفتين نطفة الرجل البيضاء ونطفة المرأة الصفراء كما أن المرأة تقوم بتوريث الجنين بعض الصفات الخاصة بها.
تطوّر مفهوم تشكل الجنين في القرن السابع عشر
لقد كان اكتشاف البويضة على يد العالم دوغراف بواسطة المجهر أو الميكروسكوب الذي ساعد بشكل كبير في البحث والتقصي آنذاك.
ولقد سميت البويضة بحويصلة دوغراف حتى وقتنا هذا أما العالمان هوك وهام فقد اكتشفا الحيوان المنوي لكن لم يعرفا أن الحيوان المنوي والبويضة هما اللذان يساهمان في الإنجاب.
ثم سيطرت نظرية تقول بأنّ الجنين موجود بصورة مصغرة في الحيوان المنوي وهي ما تدعى بنظرية الجنين القزم، ثم سادت مقولة وجود الجنين المصغر في البويضة استناداً إلى ولادة الأم العذراء.
وقد لاحظ العلماء نمو بويضات الحشرات وتحولها إلى أجنة كاملة دون تداخل الذكور ولقد كان الجهل سائداً بالنسبة لهذا الموضوع.
تطور البيولوجيا في القرن التاسع عشر
إنّ أول من جاء بمقولة أنّ تكوين الجنين يعتمد على كل من الحيوان المنوي عند الرجل والبويضة عند الأنثى هو العالم الإيطالي سبالانزاني وذلك في العام 1775م.
ثم تمكن العالم فان بندن في العام 1883م من إثبات مساهمة كل من الحيوان المنوي والبويضة بالتساوي في تكوين البيضة المخصبة أو الملقحة.
كما تمكن العالم دوفري من إثبات أنّ الصبغيات تنقسم وتحمل خصائص وراثية مختلفة وحدد العالم مورغان دور الجينات في الوراثة وأنها تتواجد في أماكن محددة من الصبغيات.
ولكن لم يستطع العلماء من خلال تجاربهم تأكيد مرور الجنين بأطوار مختلفة وأنّ أعضاءه تبنى من البسيط إلى المركب إلا في القرن العشرين.
وبناء على ما سبق نجد أن البشرية لم تتمكن من معرفة كيفية تشكل الجنين وأنّ للمرأة دور في تشكله كما للرجل فمنها تأتي البويضة كما تأتي النطفة من الرجل إلا في القرن الثامن عشر ولم يتم إثبات حقيقة ذلك إلا بحلول القرن العشرين.