Nasem Madi
من الصعب أن تنسى البشرية يوم الرابع من تشرين الأول لعام1957 ففي هذا التاريخ تحول حلم الإنسان في ارتياد الفضاء إلى حقيقة حين فاجأ الاتحاد السوفيتي العالم بإطلاق أول قمر صناعي باسم سبوتنيك ليعلن عن بداية عصر جديد يشهد مجموعات من الأقمار الصناعية تدور في شبكة اتصال عالمية وكذلك رحلات فضاء يقوم بها الإنسان وليعلن عن بدء ثورة الاتصال الخامسة.
لقد كانت ثورة هائلة بكل المقاييس تضاءل أمامها كل ما تحقق من تطورات تكنولوجيّة في عدة قرون سابقة.
وهكذا أصبح الاتصال عن طريق الأقمار الصناعية وتطور الحاسبات الإلكترونية من أبرز سمات عصر المعلومات.
القمر الصناعي تلستار
أما استخدام الأقمار الصناعية لأغراض الاتصالات فيرجع إلى تاريخ 10 تموز1962 ففي مساء هذا اليوم تمت مشاهدة برنامج تلفزيوني في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا في الوقت ذاته وذلك بعد بث أول قمر صناعي يستقر في الفضاء باسم تلستار وتم الاتصال بالقمر الصناعي تلستار عن طريق إقامة هوائيات ضخمة في شمال الولايات المتحدة الأمريكية وتم تكبير هذه الإشارات عشرة ملايين مرة من جانب القمر الصناعي قبل إعادة بثها إلى الأرض حيث تستقبلها هوائيات استقبال في كل من بريطانيا وفرنسا واستمرت هذه الخدمة التلفزيونية لأقل من ساعة واحدة ليس بسبب انتهاء البرنامج وإنما بسبب تحرك القمر الصناعي بعيداً عن خط النظر الوهمي الذي ترسل له الإشارات من الأرض.
ورغم هذا فقد تسبب إطلاق القمر تلستار في فتح المجال أمام انتشار التلفزيون الدولي من خلال امتزاج تكنولوجيا الأقمار الصناعية بتكنولوجيا الإذاعة.
وقد استغلت صناعة التلفزيون خلال الستينات فرصة استخدام هذه التكنولوجية في بث البرامج وأمكن مشاهدة المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في مدينة روما على الهواء مباشرة في كل أوروبا وفي الولايات المتحدة عبر أقمار الاتصال كما تم نقل وقائع الدورة الأولمبية التي أقيمت في طوكيو إلى كل أنحاء العالم عبر القمر الصناعي تلستار وبالتالي بدأ عصر جديد للتلفزيون الدولي.
ما هي الانتلسات؟
لتوفير شكل ما من القواعد لضبط التطورات الجديدة في تكنولوجيا الأقمار الصناعية فقد تم في عام1964 إنشاء المنظمة الدولية للاتصالات الفضائية انتلسات وتتألف من الدول التي يعمل بعضها مع بعض من أجل التعاون المشترك لتطوير اتصالات الأقمار الصناعية.
وتدير الانتلسات شركة الأقمار الصناعية للاتصالات في الولايات المتحدة الأمريكية وتدعى كومسات.
كان أول قمر في سلسلة انتلسات هو قمر الطائر المبكر الذي تم إطلاقه في نيسان عام1965 ثم تبعته سلسلة من الأقمار الصناعية التي تدور حول الكرة الأرضية بشكل متزامن.
وبالإضافة إلى الاتصال الدولي عبر أقمار إنتلسات هناك أقمار صناعية تعمل على مستوى إقليمي مثل القمر الصناعي العربي عربسات الذي تم إطلاقه عام1985.
مزايا الاتصال عبر الأقمار الصناعية
- اجتياز العوائق الطبيعية للإرسال مثل الجبال والمحيطات والصحارى.
- تتيح الوصلة الفضائية اتصالاً مباشراً من نقطة إلى عدة نقاط في الوقت نفسه.
- لا تواجه الترددات الفضائية العقبات الجوية التي تصادف انتشارها في المحيط الأرضي مثل التشويش وتكثيف الغلاف الجوي.
- ينتشر الإشعاع الراديوي من خلال الأقمار الصناعية في خطوط مستقيمة تصل إلى سطح الأرض فتغطي مساحة كبيرة تعادل تقريباً ثلث مساحة الكرة الأرضية وبذلك يتحقق انتشار أكبر للإذاعة الموجهة من الفضاء فتصل إلى رقعة قطرها15 ألف كيلو متر من سطح الكرة الأرضية بحيث إذا كان هناك ثلاثة أقمار صناعية تدور حول الكرة الأرضية فهي قادرة على تغطية العالم بأجمعه.
- يختلف نظام الاتصال عبر الأقمار الصناعية عن غيره من وسائل الاتصال بقدرته على نقل عدة أشكال من المعلومات مثل الأرقام والنصوص والرسوم والصور والخرائط والأشكال والموسيقى والصوت البشري والأصوات المختلفة الأخرى وهو ما يمكن أن نطلق عليه لفظ متعدد الوسائط إضافة إلى هذا فإنّ كمية وحجم المعلومات المنقولة في الثانية الواحدة بواسطة الأقمار الصناعية تعتبر أعظم وأكبر من أي وسيلة أخرى ظهرت حتى الآن.
- تحقيق السرعة والوضوح الكافيين في نقل الأحداث والمعلومات من مكان لآخر.
- توفير استقبال عالي الجودة لخدمات الراديو والتلفزيون والهاتف ونقل البيانات.
نظام تشغيل الأقمار الصناعية
الأقمار الصناعية عبارة عن استخدام خاص للاتصال عن طريق وصلات الميكروويف حيث يتم وضع محطة تقوية ميكروويف تسمى المحول ويوضع هذا المحول داخل القمر الصناعي قبل إطلاق المركبة الفضائية من خلال صاروخ يتجه إلى الفضاء لكي يدور حول الكرة الأرضية بسرعة متزامنة مع سرعة دوران الأرض ويستقر القمر الصناعي في مدار خاص على ارتفاع معين من سطح الكرة الأرضية.
وارتفاع القمر الصناعي للاتصالات نحو عشر أقدام وعرضه نحو ثماني أقدام وله عدة هوائيات تشبه هوائيات التلفزيونات على أسطح المنازل ويستمد طاقته الكهربائية من الطاقة الشمسية بواسطة الخلايا الشمسية المثبتة على سطحه الخارجي المقابل لضوء الشمس ولجميع الأقمار الصناعية حاسبات إلكترونية محمولة على متنها من أجل التحكم في الأنظمة المختلفة ومراقبتها.
ترسل الإشارة إلى القمر الصناعي من محطة إرسال أرضية باستخدام ترددات معينة ويقوم جهاز التحويل الموجود في القمر الصناعي باستلام الوصلة الصاعدة من المحطة الأرضية ولكن هذه الإشارة تتعرض إلى فقدان واضمحلال الأمر الذي يضعفها و وذلك بسبب طول المسافة التي تقطعها في رحلتها وبالتالي تصل هذه الإشارة إلى القمر الصناعي ضعيفة جداً وتكون بحاجة إلى معالجة خاصة لتقويتها وهنا يقوم جهاز التحويل بتقويتها عشرة ملايين مرة قبل أن ترتد إلى أسفل باتجاه الأرض حيث المنطقة الجغرافية التي يغطيها الإرسال.
