تحتوي المياه الجوفية تراكيز عالية من الأملاح بسبب نقص التغذية وزيادة معدلات التبخر في المناطق الجافة وشبه الجافة، وتعاني المدن الساحلية في المناطق الجافة خاصة من اندساس مياه البحر ضمن طبقات المياه العذبة، بسبب ارتفاع معدلات الضخ منها، ونقص تغذيتها.
تلوث المياه هو تغير خصائصها الفيزيائية، وتراكيبها الكيميائية والبيولوجية بسبب تأثير مختلف الأنشطة الطبيعية والاصطناعية، فتصبح المياه غير ملائمة، كلياً أو جزئياً للاستخدامات المطلوبة.
تتلوث المياه الجوفية من مصادر متنوعة جداً مثل مياه الصرف الصحي، وآبار صرف النفايات الحيوانية والصناعية، وتسرب المواد النفطية في مناطق استثمار النفط ومن خزانات النفط، ونفايات المناجم، والمبيدات الزراعية.
تستخدم المياه الجوفية القليلة الملوحة في ري بعض المزروعات، وسقاية الحيوانات، وتستخدم المياه الجوفية المالحة، في الصناعات المناسبة، من أجل توفير المياه الجوفية العذبة لاحتياجات الشرب. يمكن تفادي مشاكل بيئية كثيرة، وتوفير إمكانيات مادية كبيرة باتخاذ تدابير قليلة الكلفة نسبياً، وترشيد الاستهلاك، ومعالجة الفضلات والنفايات قبل إلقائها في البيئة المحيطة.
الماء مركب كيميائي بسيط، يمتاز بخصائص فيزيائية وكيميائية مهمة، تميزه عن المواد الأخرى الطبيعية والاصطناعية، وتجعله قادراً على حل مجموعة كبيرة جداً من العناصر والمركبات الكيميائية، وتتصف المياه بحركية كبيرة ضمن الدورة الهيدرولوجية في الطبيعة، فهي تنتقل بين الأتموسفير والليتوسفير والهيدروسفير، فتربط بينها جميعاً ويمكن أن ينتقل مع المياه في أثناء حركتها الكثير من الملوثات الموجودة في البيئة المحيطة، أو المرمية فيها.
تختلف ظروف تلوث المياه الجوفية عن تلوث المياه السطحية، ففي حين تظهر الملوثات في المياه السطحية بسرعة، ويمكن معالجتها بسهولة نسبياً، لا تظهر الملوثات في المياه الجوفية إلا بعد فترة طويلة قد تصل إلى عدة سنوات، يكون الوضع فيها قد أصبح معقداً.
وامتد التلوث إلى مسافات كبيرة أفقياً وشاقولياً، يتطلب تحديدها جهوداً علمية متخصصة، وتتطلب عمليات المعالجة تكاليف مادية باهظة، وإمكانيات فنية متطورة، وفترة زمنية طويلة. ويعتمد تحديد التلوث بالدرجة الأولى على فهم العلاقة الفيزيائية والكيميائية المتبادلة بين الملوثات والمياه الجوفية.
يدرس تلوث المياه الجوفية في المناطق التي ظهر فيها التلوث، أو يتوقع ظهوره فيها ويدخل ضمن مهام الدارس:
1. تحديد بقعة التلوث وأبعاد انتشارها أفقياً وشاقولياً داخل الطبقة المائية، وتركيب المواد الملوثة، وتغير تراكيزها ضمن بقعة التلوث.
2. دراسة أسباب التلوث وتوضيح مصدره.
3. وضع الأسس الهيدروجيولوجية، واختيار الإجراءات المناسبة لمنع التلوث لاحقاً.
من المناسب دراسة تلوث المياه الجوفية على أساس الفهم الممتاز للظروف الطبيعية، وللظروف الهيدروجيولوجية للمنطقة عامة، وبشكل خاص، دراسة ظروف انتشار الطبقة المائية، وتغذيتها وصرفها، والبارامترات المائية لها، وعلاقتها مع المياه السطحية، ومع الطبقات الأخرة الحاملة للمياه. ومع توافر معطيات عن مصادر التلوث، يمكن للباحث:
1. اختيار مساحات أو أحواض لإجراء مراقبة ندام المياه الجوفية وبارامتراتها.
2. تحديد مواقع وقطاعات لدراسة نوعية المياه الجوفية.
3. وضع قائمة بالمواد الملوثة المحتملة.
عند تقدير حالة المياه الجوفية ونوعيتها، يمكن أن تكون المعلومات الهيدروجيولوجية مأخوذة بشكل أساسي من المصادر المرجعية، التي تتضمن نتائج التحريات والأبحاث الهيدروجيولوجية السابقة، فإذا لم تكن هذه المعلومات كافية، فمن الضروري في بعض الحالات حفر آبار استكشافية إضافية، تحدد أماكنها حسب المواقع المحتملة لمصادر التلوث.
قد يظهر تلوث المياه الجوفية على شكل زيادة تراكيز المواد الأساسية في المياه الجوفية وفي ظهور مركبات جديدة لم تكن موجودة فيها كالمبيدات الزراعية، ونواتج الصناعة.
تصنيف تلوث المياه الجوفية
يصنف تلوث المياه الجوفية في مرحلتين:
1. يصنف تلوث المياه الجوفية في المرحلة الأولى ضمن الحدود المسموحة، أي أن زيادة بعض عناصر التلوث على الحدود المسموحة، وازدياده باستمرار يسمح بتصنيف المياه الجوفية ضمن مجموعة المياه الواقعة في مرحلة بداية التلوث.
2. المرحلة الثانية من التلوث أشد خطورة، إذ يزداد خلالها تركيز المواد الملوثة فوق المعدلات المسموحة من الناحيتين الصحية والبيئية، وتعد المياه ملوثة.