حاجات المراهقين

إنّ حاجات المراهق ورغباته تتلاءم مع النضج الجنسي، ولاشك أن حاجات المراهق الجسدية والاجتماعية والشخصية لا تختلف في طبيعتها عن حاجات الآخرين من ذوي الأعمار المختلفة غير أن شدّة بعض هذه الحاجات ومعناها يختلفان في مرحلة المراهقة عنها في مراحل حياته الأخرى.

الحاجة إلى المكانة

إنّ المكانة الاجتماعية هي أهم ما يشغل المراهق فنجده  حريصاً على أن تكون له مكانة في مجتمعه، فهو شديد الرغبة في التمتع بمكانة الراشدين والانفصال عن مرحلة الطفولة ولذلك نرى المراهقين من الفتيان يدخنون ويحاكون الراشدين تماماً في سلوكهم بينما نرى أن الفتاة المراهقة تلبس الحذاء ذا الكعب العالي وتضع أحمر الشفاه على فمها وتحاكي المرأة الناضجة ولعل المكانة التي يطلبها المراهق في مجتمعه هي أهم في نظره من مكانته عند أبويه ومعلميه.

و لايريد المراهق أن يعامل معاملة الأطفال أو أن يطلب إليه القيام بأعمال يقوم بها الأطفال عادة ومن دواعي كره المراهقين لأهلهم ومعلميهم هي أن يعاملوهم معاملة الأطفال ولاينظروا إليهم نظرة الشباب الناضجين من الجنسين معاً.

الحاجة إلى الاستقلال

إن استقلالية المراهق مظهر هام من مظاهر حياته فهو يصرّ على أن يؤدي أعمالاً مستقلة عن الآخرين وحتى عن أبويه ليؤكد بذلك استقلاليته، فالمراهق شديد الرغبة في التحرر من سيطرة الأهل ليصبح فرداً مسؤولاً عن نفسه وعن أعماله فمثلاً يريد أن يستقلّ بغرفة خاصة به عن أخوته الصغار كما أنه يكره كراهية شديدة زيارات أهله المتكررة إلى المدرسة وإظهار الاهتمام الزائد به وبحاجاته إذ يرى في هذه الزيارات دليلاً على عدم نضجه وعدم استقلاليته معاً.

الحاجة إلى الطمأنينة والأمان

يشعر المراهق بحاجة ملحّة إلى الأمان والطمأنينة ومامن شك في أنّ ثقة المراهق بنفسه وقدرته على ضبطها والسيطرة عليها تنتجان عن إشباع المراهق لحاجاته الانفعالية والاجتماعية وغالباً مانجد أن كثيراً من المراهقين يعانون من أزمة الثقة بالنفس بسبب إخفاقهم المبكر وعدم قدرتهم  على التوقع الصحيح لما يجري في محيطهم ولاشك أن مشاعر المراهقين المتعارضة تجعلهم عاجزين عن اتخاذ القرارات الصحيحة والمناسبة، وغالباً ما يعانون من رغبات متنافرة تجعلهم يتأرجحون بين الاستقلالية والحاجة إلى التأييد والدعم وبين الأنانية والغيرية وبين الخضوع والرغبة في تأكيد الذات وهذه الرغبات المتعارضة كلها تخلق في نفس المراهق الشعور بعدم الكفاية والثقة مما يؤدي إلى انعدام الأمان عنده.

كما أن اهتمام الأبوين ورعايتهما للمراهق تزيد من شعوره بالأمان إضافة إلى أن قبول أقرانه له يزيد أيضاً من هذا الشعور فالصداقة الحميمة تعد عاملاً هاماً من عوامل خلق الأمان في نفس المراهق.

اهتمامات المراهقين

تشغل المراهقين اهتمامات كثيرة وقد أجريت دراسات متعددة عن هذه الاهتمامات وكلها دلّت على أن المراهقين يحتفظون بكثير من اهتماماتهم حتى فترة مابعد المراهقة ولاشك أن هناك اختلافاً كبيراً في الاهتمامات بين مراهق وآخر ومجتمع وآخر .

وقد اتضح من الدراسات أن هذه الاهتمامات تتبدل من جيل إلى جيل آخر فما يهمّ مراهقي جيل معين لا يكون موضع اهتمام مراهقي جيل سابق أو لاحق ومع وجود هذه الاختلافات السابقة فإن هناك اهتمامات عامة يمكن نسبها إلى سن المراهقة فالفتيات المراهقات يظهرن اهتماماً بالجنس الآخر في سن المراهقة أكثر مما كنّ يظهرنه  في سن ما قبل المراهقة كما يبالغن في الاهتمام بمظهرهن بينما يحب الفتيان المراهقين الفعاليات العنيفة والخطرة.

ويبقى لكل مراهق حاجاته الخاصة واهتماماته المختلفة عن غيره من أقرانه كل حسب حالته الاجتماعية والثقافية والبيئية ويجب على الأهل تفهم هذه الحاجات والاهتمامات ومساعدة المراهق على تحقيقها طالما كانت في حدود الطبيعة والمقبول .