انطلقت النظرية الكمية في النقود من الدور الفعال للنقد في الاقتصاد واعتمدت على الأفكار الأساسية للمدرسة الكلاسيكية وأهمها:
1 ـ العرض يخلق الطلب الموازي له
لقد ركزت أفكار المدرسة الكلاسيكية على العرض دون التركيز على الطلب لأن (قانون ساي) قانون المنافذ يفيد بأن كل إنتاج جديد سوف يجد الطلب المناسب له في السوق، لذلك على المنتجين زيادة الإنتاج وسوف يجدون في السوق الطلب المناسب لهذه المنتجات، ولعل اهتمام الكلاسيك بالعرض يقود لعدم توفر التقانات اللازمة لزيادة الإنتاج كما هو الحال اليوم، لذلك ركزوا على العرض أكثر من التركيز على الطلب، كما أن التركيز على العرض يقود لفكرة الكلاسيك في أن الطلب الكلي سوف يواجه العرض الكلي، ولما كان الطلب دالة في العرض، فإن العرض الكلي وحده هو الذي يتحكم بالحياة الاقتصادية.
2 ـ يتحقق التشغيل الكامل تلقائيا
اعتمدت فكرة التشغيل الكامل على فكرة قانون المنافذ (العرض يخلق الطلب الموازي له) أي طالما إذا زاد المنتجون الإنتاج سيجدون طلباً يواجه هذا العرض فإن التوازن سوف يتحقق بشكل تلقائي، ومعنى التلقائي هنا دون تدخل الدولة، أي زيادة الإنتاج سوف تجد المشترين وسوف يتم تصريف المنتجات وإعادة الإنتاج، وهكذا يتم البيع والشراء بهذه السرعة، مما يؤدي لزيادة فرص الاستثمار وتشغيل العمال وزيادة الأرباح للمنظمين، كما ويرى الكلاسيك بأن الإنتاج يستمر بالزيادة حتى يصل الاقتصاد إلى التشغيل الكامل وتستمر هذه الحالة في الاقتصاد.
3 ـ ثبات سرعة التداول
تفترض النظرية ثبات سرعة التداول النقدي لأن الاقتصاد وصل إلى التشغيل الكامل وسوف يستمر بهذه الحالة، أي طالما أن حالة التشغيل حالة سائدة فسوف تبقى عدد دورات النقود ثابتة في الاقتصاد خمس مرات أو ثلاث حسب الحالة. ولو أن الكلاسيك لم يفترضوا ثبات سرعة التداول النقدي لكانت المعادلة قد اختلت، وكان الاقتصاد قد دخل في حالة تقلبات، وأثر الطلب على حالة العرض السائدة، وفشل قانوني ساي، وهذا ما حصل في الكساد الكبير عام 1929.
4 ـ استقلال حجم التجارة عن كمية النقود
افترض فيشر أن كمية المبادلات لا تتأثر بكمية النقود، أي أن المنتجين يقدمون إنتاجهم للسوق حسب مبدأ المنافسة الكاملة، وبالتالي لا يدرسون الطلب ولا يدرسون كمية النقود الموجودة، والسعر يتشكل بمعزل عن رغبات العارضين والطالبين وهذا الأمر يخدم غرض النظرية في أن كمية النقود هي التي تؤثر على الأسعار، فإذا ثبتنا سرعة التداول يجب تثبيت كمية المبادلات لكي تصدق تنبؤات المعادلة إلا في حالات استثنائية كما قال فيشر.
5 ـ ارتباط الأسعار بالنقود
افترضت النظرية ارتباط الأسعار بالتغيرات في النقود، وقالت بأن زيادة الأسعار يرجع لكميات النقود فإذا زادت النقود زادت الأسعار، وسوف يحصل التناسب العكسي.
كما وافترضت النظرية بأن زيادة كميات النقود بحدود 10% سوف تزيد الأسعار بنفس النسبة 10%، وإذا انخفضت كمية النقود بحدود 15% انخفضت الأسعار بمقدار 15% أي تتغير الأسعار بنفس نسبة تغير النقود.
6 ـ إدخال النقود الكتابية لا يؤثر على طبيعة المعادلة
يرى فيشر بأن إدخال النقود الكتابية لن يؤثر على صيغة المعادلة بل يدعم توجهات النظرية كما يلي:
M . V + M. V
= T . P
حيث Mهي كمية النقود الخطية وV
هي سرعة تداول النقود الخطية.
إن إدخال النقود الخطية في المعادلة لن يغير النسب والنتائج، فالمستوى العام للأسعار يتأثر بكميات النقود المصدرة لأن النقود الكتابية تبقى مرتبطة بحجم الاحتياطي الذي يتوجب على المصارف الاحتفاظ به.
إن النظرية الكمية كانت ثورة في عالم الاقتصاد خلال فترة القرن التاسع عشر لأنها حلت مشكلة التضخم وارتفاع الأسعار وأرجعته لعنصر النقد، لكن هذه النظرية عجزت عن إيجاد الحلول للمشاكل النقدية التي ظهرت في القرن العشرين، وخاصة أيام الكساد الكبير عام 1929 ـ 1933م.