حلت قاعدة النقود الورقية بدلا من قاعدة الذهب التي انهارت و ذلك عشية الحرب العالمية الأولى 1914م.
كانت قيمة النقود الذهبية تستند إلى الذهب الموجود في الليرة ذاتها، أي تحمل هذه النقود قيمة لذاتها، فكلما ازداد إنتاج الذهب انعكس سلبا على قيمة العملة، ونظرا لاستقرار الإنتاج من الذهب لذلك استقرت النقود الذهبية فترة طويلة من الزمن.
وما زال الإنتاج مستقرا، وما زالت قيمة الذهب مرتفعة حتى حدوث اتفاقية صندوق النقد الدولي التي تنص على أن كل أونصة من الذهب تعادل 35 دولارا.
ونظرا لزيادة الطلب على الذهب ارتفعت قيمته حيث تبلغ قيمة الأونصة هذه الأيام 1500 دولار أي تضاعفت قيمة الأونصة بين عام 1944م ولغاية 2011 حوالي 42 ضعفا فكيف لو بقيت قاعدة الذهب مستمرة؟
نستنتج من ذلك عدم إمكانية العمل بهذه القاعدة نظرا لتدني الإنتاج من الذهب.
أسباب ظهور القاعدة الورقية:
-ظهر النقد الورقي الاختياري إلى جانب النقود الذهبية منذ فترة طويلة من الزمن ويعتقد بأن بنك استوكهولم هو أول من أصدر هذه الأوراق عام 1556م وكانت نسبة التغطية 100% أي كل ليرة ذهبية يصدر نظيرا لها ليرة ورقية ويحق لكل مواطن وفي أي لحظة استبدال الليرات الورقية بالليرات الذهبية، وكان الهدف من ذلك تخفيف حمل النقود المعدنية، ومساعدة المصارف على استثمار الأوراق الذهبية الموجودة لديها.
-أما عام 1914م فقد كان بداية توقف النقود الورقية الاختيارية وظهور النقود الورقية الإلزامية، لأن الحكومات لم تستطع العودة لقاعدة المسكوكات بعد انتهاء الحرب، بل عادت إلى قاعدة السبائك التي تشكل رباطا وهميا للنقود الورقية بالذهب، وسميت النقود الورقية آنذاك بالنقود الورقية القابلة للتحويل إلى ذهب.
أسباب عدم العودة إلى النقود الذهبية:
1 ـ تراجع حجم الإنتاج من الذهب والفضة، وعدم إمكانية تزويد الدول بالكميات اللازمة لإصدار النقود، لأن إنتاج العالم لا يتجاوز حاليا 2000م طن من الذهب وهذه لا تكفي لبلد كبير مثل الولايات المتحدة.
2 ـ تجمع أكثر احتياطيات العالم من الذهب في الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الأولى الأمر الذي تعذر معه العودة لقاعدة المسكوكات الذهبية في أوروبا لذلك ظهرت قاعدة السبائك، وكانت بداية الاعتماد على النقود الورقية.
3 ـ ازدياد وعي الأفراد وقبولهم بأي عملة تقوم بدور النقد ووظائفه في الاقتصاد الوطني وتسهل عمليات البيع والشراء والاستثمار والادخار.
4 ـ ضرورة تدخل الدولة في الاقتصاد بهدف إدارة الموارد الوطنية وتشجيع الاستثمار وتشغيل العاطلين عن العمل وتشجيع التصدير، وبدون قاعدة الورق لا تستطيع الدولة التدخل، لأن قاعدة الذهب هي آلية.
5 ـ الانتقال من المذهب الليبرالي إلى المذهب التدخلي وكان ذلك على أثر ظهور نظرية كينز عام 1936م التي تستدعي وجود دور متميز للدولة.
6 ـ الصراع بين الكتل النقدية التي ظهرت في أوروبا في فترة ما بين الحربين العالميتين وعدم وجود نظام عالمي لتسوية المدفوعات، الأمر الذي أعاق الاستيراد والتصدير وحركة التجارة والعمالة.
إن جميع هذه الأسباب دفعت الدول الأوروبية وغيرها للانتقال من الأنظمة النقدية الذهبية إلى الأنظمة الجديدة إلى (النظام الورقي).
آلية عمل القاعدة الورقية:
يخضع الإصدار النقدي في ظل قاعدة الذهب لكميات الذهب فإذا ازداد الإنتاج تزداد كميات الذهب وينعكس ذلك سلبا على قيمة النقود الذهبية، وبالمقابل إذا انخفض الإنتاج تنقص كميات الذهب وينعكس ذلك إيجابا على قيمة النقود الذهبية، أما قاعدة النقود الورقية فلا ترتبط بالذهب، أي انفصلت العلاقة بين النقد والذهب، وتستمد النقود الورقية قيمتها من النشاط الاقتصادي وحجم الإنتاج والتصدير، أي تنعكس قوة الاقتصاد إيجابا على قيمة العملة الوطنية.
ـ التغطية: لا يوجد تغطية للنقود الذهبية لأنها تحمل قيمة لذاتها أما النقود الورقية فهي بحاجة للتغطية من الإنتاج ـ سندات تجارية أو صناعية وعملات أجنبية يعتمدها صندوق النقد الدولي، لكن القسم الأكبر من التغطية يكون من خلال إنتاج الدولة.
ـ الإصدار: تصدر الدولة النقود الورقية استنادا لحاجة الاقتصاد الوطني من السيولة، وقد تصدر النقد لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة، أو قد تزيد الإصدار في حالات الركود لكي تزيد حجم السيولة في الاقتصاد الأمر الذي يؤدي لإخراج الاقتصاد من الركود، وفي حالات التضخم تسحب السيولة من التداول فينخفض معدل التضخم.
– تتدخل السلطات النقدية من خلال (عرض النقد ـ سعر الفائدة ـ سعر الصرف ـ حجم التسليف..) لكي تؤثر على حالة الاقتصاد الوطني، ولا تستطيع السلطات عدم التدخل، بل يتوجب عليها التدخل بشكل مستمر لكي تحافظ على حالة التوازن بين عرض النقد والطلب عليه، وتحافظ على التوازن بين الأجور والأسعار، وتستخدم النقد كأداة للتدخل بحيث تؤثر على معدلات النمو الاقتصادي إيجابا.