إنّ الأنشطة الاقتصادية في دولة ما تنتشر عادة على الرقعة الجغرافية لهذه الدولة محصورة ضمن إطار الحدود السياسية وإنّ هذه الأنشطة تتداخل فيما بينها كما يمكن أن يعتمد بعضها على البعض الآخر بحيث تتشابك على الرغم من وجود الاختلافات.
وأهم متطلبات التخطيط الاقتصادي تنسيق هذه الأنشطة فيما بينها وهذا ما استدعى إلى ممارسة نوع من التخطيط هو التخطيط الإقليمي الذي يستند على تقسيم الرقعة الجغرافية للدولة إلى أقاليم ثم ممارسة التخطيط ضمنه.
وإنّ هذه الأنشطة تترابط بعضها مع بعض من جهة وبين المكان الذي تتواجد عليه من جهة أخرى وإنّ أي نشاط منها يوجد بتركيبة وأهمية معينة لا توجد بنفس المزايا في مكان آخر.
مفهوم الإقليم الاقتصادي
هو ذلك الجزء من الرقعة الجغرافية للدولة الذي يتميز عن غيره بصفات اقتصادية واجتماعية تتوقف على نوعية الأنشطة الاقتصادية ومدى تطورها ويشكل وحدة متكاملة تستطيع أن تؤدي مستقبلاً وظيفة محددة من وظائف الاقتصاد الوطني وبتكلفة أقل نسبياً.
ويتكون الإقليم من مجموعة عناصر تتمثل بأنّ الإقليم مركز اقتصادي إنتاجي متخصص بإنتاج المواد الأولية وصناعة الآلات وهو مركز بشري يشكل ساحة للإنتاج والخدمات.
كما ويتميز الإقليم بوجود بنى اقتصادية تحتية كالطرق والمواصلات الضرورية للتواصل وبمحيط جغرافي تابع لمركز الإقليم أو ما يسمى عاصمة الإقليم.
بالإضافة إلى استمراريته عبر الزمن وله تاريخ معين ومستمر وذلك نتيجة تطور القوى المنتجة وإقامة المشاريع الجديدة في الإقليم.
فهو يفترض إنتاج المواد الأولية وتصنيعها وإنتاج الآلات اللازمة للإنتاج وإنشاء المرافق العامة من طرق وكهرباء وخدمات مختلفة فالإقليم الاقتصادي ليس مغلقاً كما وليس له حدود ثابتة إنما تتحرك تبعاً للتطور الحاصل.
وهناك صيغة معينة لتقسيم العمل في الرقعة التي يتواجد فيها وذلك سواء في القوى المنتجة والإنتاج والخدمات والعلاقات بينه وبين الأقاليم الأخرى.
أهمية الاعتماد على المنهج الإقليمي للتخطيط
إنّ تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية يتطلب ضرورة الاعتماد على المنهج الإقليمي للتخطيط ويعود ذلك إلى:
أسباب اقتصادية إنّ هذا التقسيم يزيد ويعمّق التخصص الإنتاجي الإقليمي وبالتالي يسهم في زيادة ورفع معدل الإنتاجية الكلية.
أسباب اجتماعية وأهمها معالجة مسألة الهجرة وتأثيرها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى الاهتمام بتطوير المناطق المتخلفة لتحقيق التنمية المتوازنة الإقليمية ومعالجة المشاكل البيئية.
نظريات تكوين الأقاليم
ظهرت نظريات مختلفة بخصوص تكوين الأقاليم فبعضهم اعتمد في التقسيم على التخصص بإنتاج نوع واحد من المنتجات بمعنى تقوم هذه المشاريع بوظيفة من وظائف الاقتصاد الوطني وتكون مترابطة فيما بينها والبعض الآخر اعتمد في التقسيم على الرقعة الجغرافية لموقع المشروع وما تتميز به لخدمة المشروع وتشمل الأرض المناخ والبنى التحتية واليد العاملة والعوامل التقنية المتوفرة.
والبعض اعتمد في التقسيم على أساس التجمع السكاني في منطقة والذي لا يمكن إلا بسبب توافر مزايا توطينية معينة لهذه المنطقة أي وجود فرص للاستغلال الاقتصادي سواء على شكل إنتاج أو خدمات حيث أنّ هناك علاقة واضحة بين نوع الأنشطة الاقتصادية وحجم التجمعات السكانية وإن كل نشاط اقتصادي يتميز بخصائص معينة تنعكس في خصائص التجمعات السكانية وفي العلاقة بينه و بين الأنشطة الأخرى.
ولقد اتخذ بعض الاقتصاديين من متوسط دخل الفرد دليلاً لتصنيف الرقعة الجغرافية للدولة إلى أقاليم ومن خلال دراسة موسعة لمتوسطات الدخول الفردية بحسب المناطق والأقاليم واعتبار تلك المناطق التي تتقارب فيها متوسطات الدخول تصلح لأن تكون أقاليم اقتصادية يمكن من خلالها تطبيق مجموعة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى رفع مستوى الدخول.
لقد تعددت نظريات التقسيم إلى أقاليم لكنها جميعاً تلخصت بأسلوبين الأول يعتمد الأسلوب الجغرافي أي توضع الموارد والثاني يعتمد الأسلوب الاقتصادي.