نحل العسل: الاسم العلمي (Apis mellifera ).
عندما نذكر فصل الربيع في البداية يخطر في بالنا الطبيعة الخضراء، و الزهور كثيرة الألوان التي تكسو الأرض، و أشعّة الشمس الدافئة بعد شتاءٍ بارد.
إذاً فإن معظم الكائنات و النباتات تكون خلال فصل الشتاء ساكنة و كأنّها في حالة سبات، فنجد أنّ أغلب الأشجار قد بدأت تظهر عليها البراعم و الأوراق و الأزهار بعدما كانت عارية ، و هذا الأمر صحيح علمياً نظراً لبدء سريان العصارة الخلوية فيها ، مع العلم أنها تكون متوقّفة أو في حدودها الدنيا خلال فصل الشتاء ، لحماية النبات من الأضرار الحادّة للصقيع و درجات الحرارة المتدنّية.
وهناك الكثير من الحشرات التي تنشط أيضاً مع حلول الربيع ، و تبدأ بوضع البيوض لإعلان بدء دورة حياة جديدة لتقوم بدورها البيولوجي في الطبيعة.
عند الحديث عن الحشرات لا بدّ أن يخطر في بالنا أهم حشرة بالنسبة للإنسان، و التي تقدّم خدمات عظيمة له و هي النحل ، حيث تعتبر من أهم حشرات التلقيح على الإطلاق.
يعتبر دور النحل البيولوجي بالغ الأهمية في الطبيعة ، بالإضافة إلى المنتجات الغذائية و الاقتصادية الهامّة التي نحصل عليها منه (عسل، حبوب لقاح،بروبوليس، غذاء ملكي) فهو يُساهم بتلقيح أكثر من ثُلثيّ محاصيل الخضار و الفاكهة، و يُعتبر من أبطال التلقيح. فلنتخيّل أنّ هذه الحشرة العظيمة غير موجودة أو اختفت لظرفٍ من الظروف ، سنجد أنّ غالبية أشجار الفاكهة و النباتات البريّة ستختفي لأنّها لن تستطيع إجراء عمليّة التلقيح أصلاً و بالتالي لن يكون هناك ثمار ولا بذور، و هذا سيؤدّي حتماً و بشكل طبيعي لعدم قدرة هذه الأشجار و النباتات على إتمام دورة الحياة الخاصّة بها.
إذاً مع هذه الأهمية البالغة للنحل على الإنسان و حياته و الأخطار الجسيمة الناتجة عن اختفائه ، سعى الإنسان و بشتّى السبل للعناية بهذه الحشرة ، والعمل على تربيتها و محاولة فهم سلوكها و طُرق تكاثرها و تصنيف أنواعها و أجناسها وفقاً لقواعد و أسس علمية ، و تحسين سلالاتها للحصول على أصناف أكثر مقاومة للآفات و للأمراض و للظروف الطبيعية القاسية ، ومحاولة إخضاع العلم لاصطناع و تطوير وسائل و أدوات حديثة تزيد من أعدادها و ترفع من سويّة عملية التلقيح و التكاثر. فنجد الكثير من الكتب و المراجع العلمية التي تناولت عالم النحل بشكل علم خاص و منفرد ، حيثُ أنّه و مع تطوّر العلم جدّاً نجد أنّه ما زال عاجزاً عن تفسير الكثير من السلوكيات و الخصائص لهذه الحشرة التي تبدو معقّدة إلى حدٍّ كبير و يصعب فهمها.
النحل عالم مذهل بحقّ فهو يعيش معيشة جماعية في طوائف (خلايا) قائمة على قدرٍ كبيرٍ من التعاون و التنسيق و التنظيم ، و تتكوّن الطائفة الواحدة من: ملكة واحدة و هي الأم، ومئات الذكور، و آلاف إلى عشرات الآلاف من الإناث (الشغّالات ،أو العاملات).
وظيفة أفراد طائفة النحل :
الملكة :
هي الأم المسؤولة عن استمرارية حياة الطائفة، وظيفتها وضع البيض و توجيه كامل أعمال الخلية. حيث تضع 2500-3000 بيضة في اليوم الواحد، و يمكن أن يزيد هذا العدد أو يقل حسب: عمر الملكة، صحّتها ، درجات الحرارة، المناخ و الفصل (حيث تتوقّف الملكات عن وضع البيض في فصل الشتاء مع وجود درجات متدنية من الحرارة ) ، كميّة العسل و حبوب اللقاح ( حبوب الطلع ) داخل الخلية ، عدد الشغّالات (يجب وجود عدد كافٍ من الشغّالات داخل الخلية لتغذية البيض و الاهتمام به). من الهام جدّاً معرفة أنّ الملكة تضع بيضة واحدة فقط تلتصق بقعر كل عين سداسية.
الشّغالات :
هي المسؤولة عن تغذية البيض و الحضنة (الأطوار غير الكاملة للحشرة)، و عن تغذية و انتخاب الملكات، و صناعة الشمع، و جمع حبوب اللقاح و الرحيق و المياه، و العمل على إنضاج العسل ( أي جعله قابل للأكل و الاستهلاك)، إضافةً لكونها جيش الدفاع عن الخلية بوجه الأعداء و المتطفّلين.
الذكور :
تكون وظيفة الذكور البالغة هي تلقيح الملكات فقط و ذلك في موسم التزاوج(من الشهر الثالث حتّى الشهر السادس أو السابع من كل سنة) و هي لا تقوم بجمع الرحيق على الإطلاق.
الحَضنة :
و هي الأطوار (المراحل) غير الكاملة للحشرة: بيضة، يرقة، عذراء، حشرة كاملة.
يوجد نوعين من الحضنة المُغلقة داخل الطائفة (الحشرة بطور العذراء) و تُشاهد بلون أصفر أو برتقالي إلى بنّي و هما:
حضنة الذكور: و هي ناتجة عن بيوض غير مخصّبة (غير ملقّحة)، تعطي عند الفقس ذكوراً فقط، و تكون بارزة فوق مستوى الإطارات أو العيون السداسية.
حضنة الإناث :
و هي ناتجة عن بيوض مخصّبة (ملقّحة)، تعطي عند الفقس إناث عاملات أو ملكات(حسب نوع و طريقة التغذية)، و تكون بمستوى الإطارات و العيون السداسية.