يمكن تمييز نشأة التلفزيون من خلال مرحلتين أساسيتين تمثّل المرحلة الأولى نشأة التلفزيون وانتشاره في النصف الأول من القرن العشرين وبالتحديد العشرينيات والثلاثينيات حيث برزت العديد من المحاولات من جانب بعض المخترعين في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانية والمرحلة الثانية في النصف الثاني من القرن العشرين وتتمثل في تأثير تطور التكنولوجيا على التلفزيون ولاسيما ظهور الحاسبات الإلكترونية والأقمار الصناعية والوصول إلى البث المباشر والتلفزيون التفاعلي والتلفزيون الكابلي.
البداية والانتشار
بينما وجدت بعض الأبحاث أنّ الفضل الأساسي في اختراع التلفزيون يرجع إلى العالم البريطاني جون بيرد عام 1924 وجدت أبحاث أخرى أنّ نقطة التحول الرئيسية في بداية نشأة التلفزيون كانت عام1923 عندما اخترع العالم الروسي المهاجر إلى الولايات المتحدة فلاديمير زوريكين الأيكونوسكوب وهو جهاز تصوير تلفزيوني وعلى الرغم من تردد أسماء أخرى مثل دومونت الذي توصل إلى اختراع أول جهاز عرض تلفزيوني إلا أن بيرد وزوريكين يبقيان من أهم الأسماء في مجال اختراع التلفزيون.
وبينما أجريت التجارب في الولايات المتحدة الأمريكية في العشرينيات من القرن الماضي استطاع أحد الباحثين أن يرسل صورة تلفزيونية عبر دائرة مغلقة من واشنطن إلى نيويورك وفي عام 1928 بدأت شركة جنرال إلكتريك بثها التلفزيوني التجريبي وفي سنة1930 بدأت NBC وفي السنة نفسها أصبح زوريكين على رأس فريق مكوّن من أربعين مهندساً يعملون في شركة RCA بولاية نيوجرسي وأخذ فريق زوريكين يطور اختراعه حتى استطاع أن يقدّم في المعرض العالمي الذي أقيم في مدينة نيويورك عام1939 أوّل جهاز تلفزيوني بنظام إلكتروني كامل.
أما في بريطانيا فقد قدمت هيئة الإذاعة البريطانية أول إرسال منتظم لها في عام 1936 وبدأ التلفزيون التجاري في أيلول عام 1955 وفي الاتحاد السوفيتي بدأت تجارب الإرسال التلفزيوني في الفترة بين نهاية العشرينيات إلى أوائل الثلاثينيات وفي منتصف بدأ أول بث تلفزيوني روسي من موسكو العاصمة وما إن جاء عام1984 حتى أصبح لدى الاتحاد السوفيتي السابق القنوات التلفزيونية التي بلغت 116محطة تنطق ب 45 لغة من لغات شعوب الاتحاد السوفيتي السابق
وفي فرنسا بدأ البث التلفزيوني عام1935 من برج إيفل وأذيعت أول نشرة أخبار عام 1949
وفي سنة1963 بدأ بث التلفزيون الملوّن في الولايات المتحدة الأمريكية بينما أذيع أول برنامج تجريبي بالألوان في فرنسا في شهر أيار سنة1952
وكانت اليابان الدولة الوحيدة خارج أوروبا وأمريكا التي كان لها جمهورها وتجاربها التلفزيونية بدءاً من منتصف الثلاثينات.
البث المباشر عبر الأقمار الصناعية
يعدّ البث المباشر أحد أهم أشكال التكنولوجيا الحديثة التي تجسّدت في استخدام الأقمار الصناعية في نقل المعلومات والصور مباشرة عبر الدول.
وظهر البث المباشر نتيجة لظهور أقمار الاتصال وتطورها بعد أن كان يتم نقل الرسالة عن طريق محطات تقوية لإعادة البث وذلك نتيجة لقصور الموجات المستخدمة في البث التلفزيوني عن الوصول إلى جميع المناطق حيث وجدت مناطق كثيرة لا تصلها الإشارات التلفزيونية أطلق عليها مناطق الضباب أو الإعتام وتعرف مناطق الضباب بأنها تلك المناطق التي تتخطاها الإشارات التلفزيونية دون إمكان التقاطها على شاشات أجهزة الاستقبال بسبب اصطدام هذه الإشارات بأي مانع يعوق سيرها في خطها المستقيم من نقطة الإرسال إلى نقطة الاستقبال حيث يجب أن يكون هناك خط رؤية بين هوائي الإرسال وهوائي الاستقبال.
ولكنّ التقدم السريع في تكنولوجيا أقمار الاتصال خلال الفترة الماضية أتاح الفرصة لوصول الرسالة من القمر الصناعي إلى أجهزة الاستقبال مباشرة دون الحاجة إلى المرور على محطات التقوية وهو ما عرف بالبث التلفزيوني المباشر.
وقد بدأت مقدمات البث المباشر عن طريق الأقمار الصناعية في 30 أيلول عام 1975 في الولايات المتحدة الأمريكية عندما استخدمت شركة home box office القمر الصناعي RCA لنقل بطولة العالم للملاكمة للوزن الثقيل في مانيلا بين محمد علي كلاي وجوفريزر إلى نظم التلفزيون السلكي في جاكسون ومسيسبي وفلوريدا وفي عام 1976 أطلق القمر الصناعي التجريبي للاتصالات بجهد مشترك كندي أمريكي وكان يحمل مكبراً بقوة200 واط من إحدى القواعد في فلوريدا وبدأ هذا القمر في بث الرسائل مباشرة إلى المنازل باستخدام أجهزة استقبال الأطباق.
وقد انقسمت الآراء حول البث المباشر عن طريق الأقمار الصناعية بين مؤيد يرى فيها أهمية كبيرة لاستقبال الرسالة مباشرة من مكان الحدث وفور وقوعها وبين معارض يرى في البث الوافد عبر الأقمار الصناعية خطراً كبيراً على ثقافته ووجوده.