القانون الإداري هو أحد أهم فروع القانون العام ويحكم نظام الإدارة العامة بمعناها العضوي والوظيفي، فالإدارة وفقاً للمفهوم العضوي هي مجموعة من المنظمات تقوم بتنفيذ المهام التقليدية والحديثة الملقاة على كاهل الدولة المعاصرة ويندرج تحت هذا المدخل الهيئات المركزية والهيئات اللامركزية الإدارية.
نشأة القانون الإداري
تعود نشأة القانون الإداري إلى أسباب تاريخية واجتماعية خاصة بفرنسا فارتبط نشوء القانون الإداري بموقف رجال الثورة الفرنسية من مبدأ فصل السلطات فيما يخص علاقة السلطة القضائية بالسلطة الإدارية فهم يرون ضرورة أن تستقلّ كل سلطة عن الأخرى بمعنى أن تنجو كل سلطة من أي تأثير للأخرى عليها في أداء وظيفتها.
مصادر القانون الإداري
هناك مصدرين رئيسين للقانون الإداري هما:
المصادر الرسمية
تتضمن هذه المصادر ما يلي:
1- التشريع: يعتبر تشريعاً كل قاعدة قانونية مكتوبة صادرة عن جهة مختصة، ونظراً لطبيعة القانون الإداري، فإن القواعد والنصوص التشريعية التي تحكم مواضيعه لا تضمها مجموعة واحدة على غرار بقية فروع القانون ولكنها مبعثرة في مختلف القوانين.
2- العرف: يلي التشريع في الأهمية وهو قاعدة سلوكية تواتر العمل بها بالقدر الذي تصير عنده ملزمة لمن اصطلحوا عليها،وهو يتولد في القانون الإداري عندما تلتزم الإدارة في إشرافها على مرفق ما قاعدة معينة وتسير عليها خلال فترة طويلة من الزمن، فتصبح تلك القاعدة ملزمة لها.
كل ذلك رهين بألا تكون القاعدة العرفية مخالفة لقاعدة قانونية مكتوبة. ويحقّ للإدارة التي ألزمت نفسها بتصرف أو سلوك معين بشكل منتظم وثابت أن تعدل نهائياً عن ذلك السلوك إذا ما اقتضى التطور الإداري ذلك. ولكن لا يجوز للإدارة أن تخالف العرف الساري في حالة فردية بالرغم من استمرارها في تطبيقه على الحالات الأخرى تحت طائلة مخالفة مبدأ الشرعية.
3- القضاء: يقوم القاضي بدور هام لا يمكن إغفاله في مجال القانون بصفة عامة والقانون الإداري بصفة خاصة فهو الذي يفسّر النص الغامض ويوفّق بين النصوص المتعارضة ويقيس عند عدم وجود النص وهو أمر له خطره نظراً لكثرة النصوص الإدارية وتشعبها وتعدد مواضيعها وتباين أدواتها.
وهو ما يجعل غموضها أمراً قريب الاحتمال وقد يبدو دور القاضي كمصدر للقواعد الإدارية محدوداً نظراً لأنه يدور حول نصوص قائمة فعلاً، غير أنه لا يخفى أن النص قد يتخلف كلية في حالة معينة كما قد يتعذر القياس على نص موجود ويرى القاضي نفسه ملزماً بالفصل في الدعوى المرفوعة أمامه فلا يجد سبيلاً سوى ابتداع قاعدة جديدة يحسم بها المنازعة.
4- المبادئ القانونية العامة وهي تمثّل مجموعة من القواعد القانونية التي يستخلصها القضاء من المفاهيم الأساسية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية المعتمدة من المجتمع في بلد معين وزمن محدد. ويرجع الفضل في إبراز أهمية هذه المبادئ العامة إلى مجلس الدولة الفرنسي إذ بدأ منذ نشأته في استنباطها وإعلانها في أحكامه وقد أعلن بشكل صريح عن هذه المبادئ القانونية كمصدر من مصادر الشرعية منذ عام1940م وذلك نتيجة انهيار الجمهورية الفرنسية الثالثة على يد النازيين الألمان.
إن مصدر المبادئ العامة في الحقيقة هو القضاء لا التشريع بمعنى أنها لا تقرر بنص دستوري أو قانوني صريح تكون له بطبيعته صفة الإلزام وإنما تقررها أحكام القضاء أو بعبارة أدق ينشؤها القضاء الإداري بمقتضى ما يملكه من سلطة إنشاء مبادئ القانون الإداري وهو ينشئ هذه المبادئ بوصفه قضاء إنشائياً وليس مجرد قضاء تطبيقي.
المصادر التفسيرية
هي المصادر التي لا تسهم في خلق القاعدة القانونية ولكن في توضيح حقيقة قصد المشرّع منها.
ومن هذه المصادر القضاء الذي يقوم بجانب دوره الإنشائي بدور تفسيري له أهميته.
والفقه حيث يقتصر دور الفقيه على شرح النص القائم وتفسير ما يعتريه من غموض مهتدياً بالسوابق التاريخية والأعمال التحضيرية التي ساهمت في إعداده وبمذكراته التفسيرية وتطبيقاته القضائية.
ومن المسلم به أن آراء الفقهاء وإن كان لها في كثير من الأحيان أثرٌ كبيرٌ في التشريع والقضاء إلّا أنّ هذا الأثر إنّما يرجع لما قد يكون لها من قيمة ذاتية تقنع المشرع أو القاضي بالأخذ بها، أمّا من الناحية القانونية فآراء الفقهاء ليس لها أيّة قوة إلزامية.