إن هجرة الزيوت والغازات ضمن التشكيلات الرسوبية هي المرحلة الأهم التي تقود إلى تشكيل المكامن النفطية، حيث لا يمكن فصل دراسة منشأ النفط في الصخور المولدة عن دراسة هجرة هذا النفط من الصخر المولد باتجاه الصخر الخازن حتى تجمعه ضمن مكامنه الطبيعية.
إنّ مظاهر هجرة النفط الجيولوجية الكيميائية يمكن ملاحظتها مع ظهور ينابيع الزيت والغاز متمثلة بالبحيرات الاسفلتية كما هو الحال في بحيرة ماراكيبو في فنزويلا.
ويمكن ملاحظة مظاهر الهجرة من خلال ملاحقة تسرباتها الطبيعية وخاصة الغازية منها حيث تعتبر هذه التسربات المرحلة النهائية للهجرة بعد حركة طويلة ضمن التشكيلات الرسوبية الجوفية ( كما هو الحال في الحركة الرأسية للغازات المتسربة من المسامية الدقيقة المتمثلة بالشقوق الناعمة في مدينة باكو الروسية).
وهجرة النفط ضمن التشكيلات الرسوبية يدل عليها التراكمات النفطية في مكامنها الطبيعية، لأن هذه المكامن هي مناطق وصل إليها النفط نتيجة هجرة طويلة أو محلية قصيرة وهي تعتبر مناطق تركيز له بعد أن كان أثناء حركته مبعثراً في حجوم أكبر ومسافة أطول.
المظاهر الفيزيوكيميائية لهجرة النفط
أما المظاهر الفيزيوكيميائية لهجرة النفط فتتمثل من خلال:
1- اختلاف المواصفات الفيزيائية للموائع الموجودة ضمن التشكيلات الرسوبية والتأثير المتبادل بين هذه المواصفات مع المواصفات الفيزيائية بشكل دائم مع الصخر نفسه مما يقود إلى حركة متباينة للمياه والزيوت المتواجدة ضمن الفراغات الصخرية.
2- وجود التحول في محتوى الزيوت الخام (الكبريت – البارافينات – الآزوت) في مقطع طبقي عمودي إضافة إلى وجود تغير في الكثافة ونسبة محتوى البنزين وغيره.
3- اختلاف الكثافة بين المياه والزيوت عند وصولها إلى المكمن يقود إلى ظهور هجرة ضمن المكمن تفرضها القوة الجاذبية، خاصة في الأوساط المائية الساكنة.
4- إن قوة التوتر السطحي والتوتر بين السطوح تقود إلى حركة الموائع وانفصالها بتأثير الضغوط المتباينة في البنية المسامية للطبقة.
أنواع هجرة النفط وأشكالها
لابد من التمييز بين أنواع الهجرة وأشكالها ضمن التشكيلات الرسوبية:
الهجرة الأولية
وهي هجرة وحركة الغازات والزيوت مع المياه من الصخور المولدة للنفط إلى الصخور الخازنة، تتم حركة الهجرة الأولية للزيوت والغازات فور تشكلها مع المياه وذلك من الصخور المولدة ذات البنية الناعمة باتجاه الصخور الخازنة لمسافة تختلف حسب سماكة التشكيلة المولدة للنفط.
وتتم هذه الحركة الأولية على مرحلتين:
- خروج النفط من الصخر المولد.
- انتقال النفط عبر الصخر المولد إلى أطرافه عند التقائه مع طبقة نفوذه والنفط المهاجر من الصخر المولد هو غازات جزيئاتها ذات أبعاد دقيقة جدا من مرتبة الانغسترون (4 – 2).
سائلة ذات أبعاد لجزيئاتها يصل حتى (40) أنغسترون وإذا ما قورنت أبعاد جزيئات المكونات النفطية المهاجرة مع أبعاد فراغات الصخر المولد الغضاري على أعماق (2000 – 1500م) تصل إلى (100 – 40 ) أنغسترون وتقل هذه الأبعاد مع العمق.
إنّ السوائل المحصورة ضمن الصخر المولد تؤدي إلى انتقالات كبيرة من خلال الهجرة الأولية من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط الأقل ضمن الحوض الترسيبي بتأثير عاملين رئيسين هما :
- ارتصاص الرسوبيات.
- هبوط الحوض الترسيبي.
هذين العاملين يقودان إلى هجرة السوائل من الرسوبيات الناعمة للصخر المولد والقابلة للتراص باتجاه الرسوبيات الخازنة التي تتواجد فيها ضغوط أقل نتيجة استقرار وضع أبعاد الفراغات نسبياً.
الهجرة الثانوية
وهي هجرة وحركة الزيوت والغازات مع المياه ضمن التشكيلات الرسوبية النفوذة باتجاه المصائد مؤدية إلى تجمعها وتراكمها ضمن المكامن الطبيعية و تشكل هجرة النفط الثانوية الحلقة الأهم في تشكل المكامن النفطية.
وإذا كانت الهجرة الأولية للنفط تتم في الصخور المولدة، فإن الهجرة الثانوية تأخذ طريقها ضمن التشكيلات الرسوبية النفوذة وخاصة منها المشققة والمكسرة بالفوالق، وهذا لا يمنع من أن تراكمات النفط التي تجمعت في مصائد نتيجة الهجرة الثانوية غالبا ما تعاني هجرة ثلاثية بتأثير الحركات التكتونية اللاحقة التي تضع هذه التجمعات بحركة جديدة.
ونحو مصائد جديدة أو تخربها على السطح، إنّ بداية الهجرة الثانوية للنفط يمكن اعتبارها من منطقة تماس الصخر المولد وبداية الحركة في الصخر الخازن، وهي تحصل بشكل مبكر خلال الترسيب وتقود في البداية إلى التجمع في المصائد الستراتغرافية المبكرة التشكل خلال الترسيب و الدياجنيز أو المصائد التكتونية المبكرة التشكل بشكل متزامن مع الدياجنيز الرسوبي.
وكذلك في الطيات الترسيبية الناتجة عن التراص المتباين فوق سطح خامد، وتناسب الطيات الانهيدريتية الثاقبة تجمع النفط بنتيجة الهجرة الثانوية المبكرة.
في ظاهرة تشكل مكامن النفط بنتيجة الهجرة، لابد من تحقيق معادلة تواجد الصخور المولدة والخازنة والغطائية وأيضا حصول الحوادث التكتونية المناسبة و الشواذات الترسيبية والليتولوجية لتشكل المصائد المناسبة.
والطرف الثاني من هذه المعادلة، لابد من حصول هجرة وتحرك النفط في الوقت المناسب والاتجاه المناسب لتشكيل المكامن النفطية وحفظ كميات النفط المهاجر حتى لا تضيع وتتبعثر على السطح.
إنّ معرفة أسس هجرة النفط مع الأخذ بعين الاعتبار التغيرات المختلفة التي تصادف هذه الهجرة يسمح بتكوين الفكرة المناسبة لتواجد المكامن النفطية وهذا يقود إلى وضع الأسس الصحيحة في توجيه أعمال التنقيب والاستكشاف عن النفط.
نشير إلى أن الهجرة الثانوية للنفط في التشكيلات الرسوبية ترتبط بالخصائص الرسوبية و الباليوجغرافية والتكتونية والمائية للحوض.فهي تكون هجرة أفقية أو عمودية، وذلك حسب الطريق التي تسلكه، إما جانبي مساير للطبقة التي تتحرك عبرها الهجرة أو باتجاه الشقوق الغير موازية لمستوى التطبق.
أنواع الهجرة
1- حسب شكل الهجرة يمكن أن نميز:
- هجرة تبعثرية انتشارية: وهي حركة النفط الخفيف وخاصة الغازات ضمن الشقوق الدقيقة و المسامية الناعمة باتجاه السطح مؤدية إلى تشكيل الدلائل السطحية.
- هجرة تراكمية حرة أو تجمعية: وهي تميز كافة أشكال الحركة والانتقال للموائع (مياه + زيوت + غازات) عبر الفراغات الكبيرة والشقوق الثانوية والفوالق المفتوحة مؤدية إلى تشكيل مكامن نفطية بالتراكم والتمايز بين هذه الموائع ضمن مصيدة ما.
2- حسب اتجاه هجرة وحركة النفط مع المياه يمكن تمييز الشكلين التاليين:
- هجرة جانبية أفقية: وهي حركة النفط مع المياه داخل طبقة رسوبية على امتدادها ومن نفس العمر الجيولوجي.
- هجرة رأسية: وهي حركة الموائع باتجاه عمودي على مستويات التطبق مخترقة عدة تشكيلات ذات عمر مختلف.