العولمة الاقتصادية
تعتبر العولمة ظاهرة شمولية لها أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية ، إلا أن عقد التسعينات أبرز ميلاد العولمة الاقتصادية أو المالية التي يعتبرها البعض أبرز تجليات ظاهرة العولمة ، حيث زادت رؤوس الأموال الدولية بمعدلات تفوق بكثير معدلات نمو التجارة والدخل العالميين.
سمات العولمة المالية (الاقتصادية)
أولاً- تحول مفاهيم الاقتصاد ورأس المال
1- تحول الاقتصاد من الحالة العينية (كتبادل السلع عينيا بالبيع والشراء) إلى الاقتصاد الرمزي الذي يستخدم الرموز والنبضات الإلكترونية من خلال الحواسيب.
2- تحول رأس المال من الوظائف التقليدية كمخزن للقيمة ووسيط للتبادل إلى سلعة تباع وتشترى في الأسواق (تجارة النقود).
3- تعمق الاعتماد المتبادل بين الدول والاقتصاديات القومية ، وتعمق المبادلات التجارية من خلال سرعة وسهولة تحرك السلع ورؤوس الأموال والمعلومات عبر الحدود مع النزعة لتوحيد الأسواق وقد ترتب عن إزالة الحواجز والعوائق بين الأسواق أن أصبحت المنافسة هي العامل الأقوى في تحديد نوع السلع التي تنتجها الدولة ، مما أدى إلى توقف الكثير من الدول عن إنتاج وتصدير بعض أنواع السلع لعدم قدرتها على المنافسة مثل صناعة النسيج في مصر.
ثانياً- دور أكبر للمنظمات العالمية
1- زيادة التحرر والإنفاق في الأسواق واعتمادها على آليات العرض والطلب من خلال تطبيق سياسات الخصخصة والإصلاح الاقتصادي والتكييف الاقتصادي،وإعادة هيكلة الكثير من الاقتصادات الموجهة واقتصادات الدول النامية مع متطلبات العولمة.
2- زاد دور وأهمية المنظمات العالمية في إدارة وتوجيه الأنشطة العالمية، كصندوق النقد الدولي واليونسكو والبنك الدولي للإنشاء والتعمير.
3- انخفاض دور الدول في إدارة الاقتصاد والتوجه إلى المنظمات غير الحكومية.
4- تشكيل العديد من التكتلات الإقليمية والاقتصادية مثل(الإتحاد الأوروبي).
ثالثاً- تفاقم المديونية وتزايد الشركات المتعددة الجنسية
1- سيطرت الشركات متعددة الجنسية على الاستثمار والإنتاج والتجارة الدولية والخبرة التكنولوجية، وتفاقمت هذه الظاهرة خاصة بعد أن قامت منظمة التجارة العالمية بمساواة هذه الشركات مع الشركات الوطنية.
2- تفاقم مشاكل المديونية العالمية وخاصة الدول الفقيرة ودول العالم الثالث مع عدم قدرتها على السداد.
3- ظهور تقسيم جديد للعمل تتخلى فيه الدول المتقدمة للدول النامية عن بعض الصناعات التي لا تحقق ميزة نسبية، كالصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة وكثيفة العمل والملوثة للبيئة بينما ركزت الدول المتقدمة على الصناعات التي تحتاج تقنيات عالية ذات الربحية العالية والعمالة الأقل.
رابعاً- تبديد الفوائض بدل من تعبئتها
1- تغير شكل وطبيعة التنمية، فبعد أن كانت تعتمد على تعبئة الفوائض والادخار أصبحت التنمية هي تنمية الفوائض والمدخرات (الاستهلاك) ، وذلك تحت ضغط الآلة الإعلامية الجبارة التي لعبت دورا كبيرا في تحويل اهتمامات الطبقات عالية الدخل في الدول النامية نحو الاستهلاك الترفيهي، وقد ساعد ذلك قدرة الاقتصادات المتقدمة على إنتاج سلع جديدة والتنوع في السلع القديمة مثل ابتكار طرازات جديدة من السيارات.
2- تراجعت الأهمية النسبية للنشاط الصناعي وتصاعدت الأهمية النسبية لقطاع الخدمات حيث تراجع نصيب المادة الأولية في المنتج بسبب تطور الإنتاج، وهو ما يسمى بالتحلل من المادة وإحلال الطاقة الذهنية والعملية، حتى أن قطاع الخدمات زادت أهميته النسبية داخل النشاط الصناعي لتنامي الصناعات عالية التقنية وظهور مجموعة جديدة من السلع كالأفكار والتصميمات، وما ترتب على ذلك من زيادة عملية التفاوت في الأجور وبالتالي توزيع الدخل القومي توزيعا غير عادل.
خامساً- زيادة الفوارق بين الطبقات ، والبطالة.
مزايا العولمة المالية (الاقتصادية) بالنسبة للدول النامية
1- يمكنها الانفتاح المالي من الحصول على ما تريده من أموال لسد فجوة في الموارد المحلية.
2- الاستثمار الأجنبي المباشر يسمح بالابتعاد عن القروض من المصارف التجارية وبالتالي الحد من زيادة المديونية الخارجية.
3- تخفيف تكلفة التمويل بسبب المنافسة بين الوكلاء الاقتصاديين.
4- الحد من ظاهرة هروب رؤوس الأموال إلى الخارج وذلك بسبب إجراءات تحرير النظام المصرفي والمالي الذي يؤدي إلى خلق بيئة مشجعة لنشاط القطاع الخاص.
5- تساعد على التطور التكنولوجي نتيجة للاستثمارات الأجنبية للبلاد.
مزايا العولمة المالية (الاقتصادية) بالنسبة للدول المتقدمة
تسمح العولمة المالية للدول المصدرة لرؤوس الأموال ( غالبا هي الدول الصناعية الكبرى ) بخلق فرص استثمارية أكثر ربحية أمام فوائضها المتراكمة وتوفر ضمانا لأصحاب هذه الأموال ضد المخاطر من خلال الآلات التي توفرها الأدوات المالية والتحكيم بين الأسواق المختلفة.
مخاطر العولمة المالية
قد أثبتت التجارب أن العولمة المالية كثيرا ما أدت إلى حدوث أزمات وصدمات مالية بالنسبة للدول النامية ( كالمكسيك والبرازيل..).
يمكن إيجاز مخاطر العولمة فيما يلي :
1- إضعاف السيادة الوطنية في مجال السياسة المالية والنقظية.
2- مخاطر غسيل الأموال.
3- مخاطر هجرة رؤوس الأموال الوطنية.
4- المخاطر الناجمة عن التقلبات الفجائية للاستثمارات الأجنبية ( خصوصا قصيرة الأجل ).
5- مخاطر التعرض لهجمات المضاربة.