أركان الدولة
تعرف الدولة بأنها جماعة من الناس ، تقيم على إقليم معين ، و تخضع لسلطة سياسية تتولى شؤونها.
لابد من توافر ثلاث أركان رئيسية لوجود الدولة هي :
1- الركن الأول بشري : الشعب
2- الركن الثاني مادي : الإقليم
3- الركن الثالث شكلي : السلطة السياسية
الشعب
يشكل الشعب الركن الأساسي الأول في وجود الدولة ، فلا يمكن أن تقوم دولة بدون تواجد جماعة بشرية تتوافق على العيش المشترك بشكل مستقل في حدود إقليم هذه الدولة.
لا يشترط عدد معين من الأفراد لكي يكونوا الشعب ، رغم ما يشكله الحجم الديموغرافي للشعب من أهمية خاصة على قوة و ثقل الدولة.
يختلف عدد أفراد الشعب من دولة إلى أخرى ، فهناك دول يبلغ عدد سكانها مئات الملايين بل يتجاوز المليار نسمة كالصين و هناك دول لا يتجاوز عدد سكانها بضعة آلاف نسمة مثل سان مارين و الفاتيكان و موناكو و ليشتنشتاين.
الإقليم
يسبق تواجد الإقليم وجود الدولة و يشكل الإطار الجغرافي الذي تقوم عليه الدولة.
إن الإقليم عنصر أساسي و لازم لقيام الدولة . فلا بد من وجود رقعة من الأرض يقيم عليها أفراد الشعب على وجه الدوام و الاستقرار . يتحدد إقليم الدولة بحدود طبيعية أو اصطناعية بموجب معاهدات دولية.
إقليم الدولة يتسع و يضيق فهناك دول تتجاوز مساحة إقليمها عدة ملايين من الكيلومترات المربعة و دول لا تتجاوز مساحتها عدة كيلومترات . مع أن المساحة لا تؤثر على قيام الدولة من وجهة النظر القانونية إلا أنه يؤثر على كيانها من الناحية السياسية.
لا يقتصر الإقليم على اليابسة و إنما يشمل النطاق الجوي و المياه الإقليمية.
لا يشترط في الإقليم الأرضي أن يكون متصلا حيث يمكن أن تفصل بين أجزائه بحار أو جبال . و يشمل الإقليم الأرضي يشمل باطن الأرض أيضا.
اختلف فقه القانون الدولي العام حول تحديد نطاق الإقليم المائي .
تمارس الدولة سلطاتها الكاملة على الإقليم الجوي دون التقيد بارتفاع محدد و لكن سيادة الدولة على إقليمها الجوي لا يمنع من السماح لغيرها من الدول باستخدام مجالها الجوي على أساس التبادل و خاصة في مجال الطيران المدني المنظم بموجب اتفاقية شيكاغو الدولية لعام 1944م.
النظريات التي تشرح دور الإقليم في الدولة
يوجد ثلاث نظريات تشرح دور الإقليم في الدولة و هي :
1- نظرية الإقليم كمادة : تعتبر الإقليم كعنصر داخل في شخصية الدولة ، فالدولة بدون إقليم لا تستطيع أن تعبر عن إرادتها، فالذي يميز إرادة الدولة هو سيادتها و استقلالها ، و هذه السيادة لا يمكن أن تظهر إلا ضمن الإقليم.
2- نظرية الإقليم كموضوع : تصب هذه النظرية قانونيا على حقوق المواطنين حيث تعتبر إقليم الدولة و كأنه نوع من الملكية الممتازة للدولة.
3- نظرية الإقليم كحد : تعتبر الإقليم و كأنه الإطار الذي تمارس الدولة في حدوده سلطانها.
اختلف الفقه الدستوري و الدولي حول الطبيعة القانونية لإقليم الدولة ، فيرى البعض بأن حق الدولة على إقليمها هو حق سيادة يؤخذ على هذا الرأي بأن ممارسة السيادة لا تكون على أشياء و إنما على أشخاص و لذلك فالدولة لا تمارس سيادتها على إقليمها و إنما على الأفراد المقيمين على إقليمها ( سواء كانوا مواطنين أو أجانب ).
و ذهب جانب من الفقه للقول إن حق الدولة على إقليمها هو حق ملكية و ينتقد هذا الرأي باعتبار أن ملكية الدولة تؤدي إلى منع الملكية الفردية للأفراد و يبرر أصحاب هذا الاتجاه بأن ملكية الدولة هي ملكية عليا غير مرئية و هي ملكية خاضعة للقانون الدولي العام. ويذهب جانب آخر من الفقه لتكييف حق الدولة على إقليمها بأنه حق عيني ذو طبيعة تأسيسية أي أن حق الدولة على إقليمها هو حق عيني تأسيسي و محتوى هذا الحق يتحدد بضرورات ممارسة السيادة.
السلطة
يعتبر وجود السلطة الحاكمة ركيزة أساسية من ركائز كل تنظيم سياسي .
وجود السلطة كمفهوم مؤسسي يعتبر العامل الأهم في بناء الدولة الحديثة بحيث يمكننا من التمييز بين الحكام كسلطة عامة و الحاكم كفرد عادي.
لا يشترط شكل سياسي محدد في هذه السلطة . الشرط الوحيد المتطلب في هذه السلطة هو بسط سلطانها على كامل إقليم الدولة و المقيمين عليه بواسطة القوة أو الإكراه.
لا يشترط في الهيئة الحاكمة أن تحوز رضا الشعب أو المحكومين فيكفي أن تكون هذه الهيئة الحاكمة قادرة على إخضاع المحكومين لإرادتها ، و لكن يعتبر رضا المحكومين بالسلطة الحاكمة أساسا لقياس مشروعية السلطة خاصة مع تطور و انتشار الفكر الديمقراطي.