شرح صِفَة الْوَحْدَانِيَّة للهِ تعالى
معنى الوحدانية أنه ليس ذاتا مؤلفا من أجزاء، فلا يوجد ذات مثل ذاته وليس لغيره صفة كصفته أو فعل كفعله وليس المراد بوحدانيته وحدانية العدد إذ الواحد في العدد له نصف وأجزاء أيضا ، بل المراد أنه لا شبيه له.
فمعنى الوحدانية أن الله ليس له ثان، وليس مركبا مؤلفا من أجزاء كالأجسام، فالعرش وما دونه من الأجرام مؤلف من أجزاء فيستحيل أن يكون بينه وبين الله مناسبة ومشابهة كما يستحيل على الله تعالى أن يكون بينه وبين شىء من سائر خلقه مناسبة ومشابهة ، فلا نظير له تَعَالَى فِي ذَاتِهِ وَلا فِي صِفَاتِهِ وَلا فِي أَفْعَالِهِ.
وبرهان وحدانيته هو أنه لا بد للصانع من أن يكون حيا قادرا عالما مريدا مختارا، فإذا ثبت وصف الصانع بما ذكرناه قلنا لو كان للعالم صانعان وجب أن يكون كل واحد منهما حيا قادرا عالما مريدا مختارا والمختاران يجوز اختلافهما في الاختيار لأن كل واحد منهما غير مجبر على موافقة الآخر في اختياره، وإلا لكانا مجبورين والمجبور لا يكون إلها، فإذا صح هذا فلو أراد أحدهما خلاف مراد الآخر في شىء كأن أراد أحدهما حياة شخص وأراد الآخر موته لم يخل من أن يتم مرادهما أو لا يتم مرادهما أو يتم مراد أحدهما ولا يتم مراد الآخر ، وَمُحَالٌ تَمَامُ مُرَادَيْهِمَالتضادهما أي إن أراد أحدهما حياة شخص وأراد الآخر موته يستحيل أن يكون هذا الشخص حيا وميتا في ءان واحد، وإن لم يتم مرادهما فهما عاجزان والعاجز لا يكون إلها، وإن تم مراد أحدهما ولم يتم مراد الآخر فإن الذي لم يتم مراده عاجز ولا يكون العاجز إلها وَلا قَدِيمًا ، وَهَذِهِ الدِّلالَةُ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْمُوَحِّدِينَ تُسَمَّى بِدِلالَةِ التَّمَانُعِ.
قَالَ تَعَالَى ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا ءَالِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [سُورَةَ الأَنْبِيَاء 22].
فمعنى الوحدانية أن الله تبارك وتعالى ليس له ثان وليس مركبا مؤلفا كالأجسام، والدليل العقلي على وحدانية الله هو أنه تبارك وتعالى لو لم يكن واحدا وكان متعددا لم يكن العالم منتظما لكن العالم منتظم فوجب أن الله تعالى واحد، وصانع العالم لو لم يكن حيا قادرا عالما مريدا مختارا لكان متصفا بنقيض هذه الصفات، فلو لم يكن حيا لكان ميتا، ولو لم يكن قادرا لكان عاجزا، ولو لم يكن عالما لكان جاهلا، ولو لم يكن مريدا مختارا لكان مضطرا مجبورا ومن كان كذلك لا يكون إلها.
وأما الدليل النقلي على هذه الصفة فآيات منها قوله تعالى )قل هو الله أحد(، وقوله )لو كان فيهما ءالهة إلا الله لفسدتا(، ومن الأحاديث ما رواه البخاري أنه صلى الله عليه وسلم (كان إذا تعار من الليل [أي استيقظ] قال لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ).
ومعنى قوله تعالى )لو كان فيهما( أي لو كان لهما، هنا (في) بمعنى اللام أي للأرض والسماء، )ءالهة إلا الله( أي غير الله )لفسدتا( أي السموات والأرض أي ما كانتا تستمران على انتظام.
وقد أدخلت في دين الله الحشوية المحدثون وهم الوهابية بدعة جديدة لم يقلها المسلمون وهي قولهم توحيد الألوهية وحده لا يكفي للإيمان بل لا بد من توحيد الربوبية وهذا ضد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها)، جعل الرسول اعتراف العبد بتفريد الله بالألوهية وبوصف رسول الله بالرسالة كافيا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نطق الكافر بهذا يحكم بإسلامه وإيمانه، ثم يأمره بالصلاة قبل غيرها من أمور الدينللحديث الذي رواه البيهقي في كتابه الاعتقاد، وهؤلاء عملوا دينا جديدا وهو عدم الاكتفاء بالأمرين المذكورين وهذا من غباوتهم فإن توحيد الألوهية هو توحيد الربوبية بدليل أنه جاء في سؤال القبر حديثان حديث بلفظ الشهادة وحديث بلفظ الله ربي وهذا دليل على أن شهادة أن لا إله إلا الله شَهَادَةٌ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ ، وَمَا أَعْظَمَ مُصِيبَةَ الْمُسْلِمِينَ بِهَذِهِ الْفِرْقَةِ.