منذ أقدم العصور ظهر علم النّفس، وقد كان مهتماً بدراسة الرّوح والنّفس ومعرفة أصلها.
لم تكن الدراسات النفسيّة مبنيّة على أُسّسٍ علميّة، ولكن ما لبث أن ربطها العلماء بعلم الشّعور الذي يُعدّ أهمّ ظاهرة عقليّة، وأصبح علم النّفس علماً يعتمد على دراسة سلوك الإنسان وأعماله وتصرفاته؛ وذلك لارتباطها بنفس الإنسان النّابعة من وعيه أو لا وعيه. فاللاشعور أو اللّاوعي قد يُشكّل جزءاً أساسيّاً من أفكار الإنسان وتصرفاته.
مفهوم الشخصيّة
تُعرَّف الشخصيّة بأنّها صفاتٍ جسديّة ونفسية عديدة موروثة ومكتسبة، وتشمل أيضاً العادات والتقاليد المرتبطة بالإنسان، ومجموعة العواطف والقيم التي تتحكّم بتصرفاته؛ حيث تكون جميعها متفاعلة وتظهر للنّاس على هذه الصورة من خلال تعامل الإنسان في مختلف مجالات الحياة.
وفي حال حصل خلل في أحد مكوّنات الشخصيّة أو بعضها يظهر على الشخص ما يُعرف باضطراب الشخصيّة، مما يؤدّي إلى ظهور العديد من الأنماط البشرية بعضها قد يصعب فهمها أو تفسير تصرفاتها.
أنواع الشخصيّات في علم النّفس
هناك أنواع عديدة من الشخصيات يهتم بدراستها علم النّفس، وهناك صفات بارزة تمتلكها كل شخصية تمنحها طبيعةً عامّة خاصّة بها، وهذه الأنواع من الشخصيّات من الممكن أن تكون سلبيّة أو إيجابية، وفيما يأتي معلومات عن كُل منها:
أولاً: الشخصيّات الإيجابيّة: بعض الشخصيّات تمتلك صفاتاً مُحبّبة، وتساعد صاحبها على أن يكون أكثر استقراراً وسعادة، وتساهم هذه الصفات المحبّبة في تكوين الشخصيّات الإيجابيّة، ونذكر في يلي بعض المعلومات عن مجموعةٍ منها:
1-الشخصيّة الحنونة: تتميّز هذه الشخصية بالقدرة الكبيرة على فهم مشاكل الآخرين وعلى وجه الخصوص العاطفيّة منها؛ لذلك فإن الشخص الحنون يحاول دائماً تجنّب جرح مشاعر النّاس من حوله، ويصرّ على إسعاد الآخرين والتحسّر على أحزانهم معهم،وقد يسيء البعض تقدير الشخصيّة الحنونة فيقوم بربطها بالضّعف، ولكنّ الحنان غير مرتبط بالضعف.
2- الشخصيّة اللنفاويّة: هي أكثر الشخصيّات نظامية وموضوعية، فتُعدّ شخصيّة حكيمة بشكل كبير، وتعطي صاحبها القدرة على التأنّي وتجنب الانفعال؛ حيث يتميّز في قدرته على تحليل المواقف بعقلانيّة وعدم حساسيته، ويتّسم الّلنفاوي بالهدوء وأحياناً ببطء الحركة والبرود. إن صفة البرود تساعد الّلنفاوي في التغلّب على أسباب الفشل في حياته، فيكون شخصيّة مثابرة.
3- الشخصيّة الشغوفة: هي الجمع بين الحيوية والانفعالية التي تُقدّم الشخصيّة الشغوفة، والمهتمّة بتحقيق رغباتها. وترتبط الشخصيّة الشغوفة بالشخصيّات ذات الأثر الكبير عبر التاريخ، فهم يُحبّون القيادة والسلطة، ويملكون إرادةً قويّةً قد تُفسّر في بعض الأحيان بأنّها قسوة.
ثانيا: الشخصيّات السلبيّة: يمتلك بعض الأشخاص صفات سلبية تجعل حياتهم صعبة نوعاً ما، ويكون تعاملهم مع الأشخاص الآخرين سلبياً، وفيما يأتي معلومات عن مجموعة من الشخصيات السلبية:
1- الشخصيّة العصبيّة: هي شخصية انفعالية ذات طاقة حركية عالية وتكون هذه الطاقة غير حيوية وبلا جدوى، وتصدر طاقة سلبية عن الشخص صاحب الشخصيّة العصبيّة، كما يتصف العصبيّ بعدم استقرار حياته العاطفيّة ومعاناته بهذا الخصوص، فهو يرتبط باندفاع وسرعة ثمّ يخون بسرعة، ويُحبّ العصبيّ أن يحظى بإعجاب الجميع.
2- الشخصيّة التجنبيّة: هي شخصيّة حساسة جداً تجاه أيّ نقد يصدر عن الآخرين؛ لذلك صاحب هذه الشخصيّة يتجنب الاحتكاك بالنّاس، فهو لا يملك سوى صديق أو اثنين مرتبط بهما ولا يفعل أي نشاط دون وجودهما، والسبب تجنبه للناس هو شعوره بالنّقص وأنّه أقل قيمة من الآخرين. كما أن الشخصيّة التجنبيّة تشعر بالقلق الدائم والترقّب.
3- الشخصيّة الاعتماديّة: ترتبط هذه الشخصيّة بالأشخاص الاتكاليين، فيبحث صاحب هذه الشخصيّة عن أي شخص يقوم بتأدية مهامه عنه، فإذا فقد صديقه يبحث عن آخر حتّى يعتمد عليه، كما لا يستطيع أن يتّخذَ القرارات الخاصّة بحياته دونَ استشارة تعطيه الطمأنينة.
4- الشخصيّة الوسواسيّة: هي التي يهتمّ صاحبها بالنظام والنظافة والتفاصيل الدقيقة بطريقة مبالغ فيها على حساب الجودة، ولا يكون صاحب هذه الشخصيّة مصاباً بمرض الوسواس القهريّ، ولكنّه يمتلك شخصيّة وسواسيّة؛ لأنّ مرض الوسواس ليس صفةً دائمةً ولكنه حالة تزداد في فترات معينة وتعالج بالأدويّة، أمّا الشخصيّة الوسواسيّة فهي مترسخة في الإنسان ولا يوجد علاج لها. كما أن ضمير هذه الشخصيّة يعتبر حيّاً أكثرَ من اللّازم.
5- الشخصيّة الشكّاكة: هي الشخصية التي تنعدم ثقة صاحبها بالأشخاص الذينَ حوله وحتى لو كانوا أقرب النّاس إليه، فهو شخصيّة دائمة الشكّ دون أسباب مقنعة، ويبني قراراته على أدلة وهمية وضعيفة. ويعاني في علاقاته مع الآخرين فيأخذ على محمل الجد أغلب العبارات، ويقرأ فيها تهديدات لا أساسَ لها، فيدفعه ذلك للرّد بشكل قاس وبالخصوص على من يهاجمه قاصداً الانتقام.
عوامل تكوّن الشخصيّة
لكل شخص منّا شخصيّة فريدة تميّزه عن باقي الأشخاص، ونشأت معه كفطرةٍ فيه أو من الممكن أن يكون قد اكتسبها من محيطه؛ لذلك يُخطئ بعض الأشخاص عندما يحكمون على غيرهم من نمط حياتهم أو نظرتهم الخارجية فقط؛ إذ إن هذا الشيء لا يكفي لتقييم الأشخاص، بل يجب تطبيق دراسات تحليلية تهدف إلى توضيح طبيعة شخصيتهم، وهناك عوامل عديدة تتكون شخصيّة الفرد بالاعتماد عليها، وهي:
1- البيئة: هي من المُؤثّرات ذات الأثر الواضح على الفرد، سواء من خلال الأفكار والتصرفات المختلفة، ويكون مصدرها من منزله أو مجتمعه أو مدرسته.
2- الذكاء: هو الجمع بين الفهم السريع، وإمكانية التكيف مع البيئة، والقدرة على التعلم، والاستفادة من جميع الخبرات السابقة، ويختلف ويتباين الأفراد بمستويات الذّكاء الخاصّة بكل منهم، وقياس مستوى الذكاء يعتمد على تطبيق مجموعة من الاختبارات الدقيقة.
3- المزاج: يعتبر عنصر مهمّ في تكوين الشخصيّة، فيظهر تأثيره على النّفس البشريّة بشكلٍ واضح في التصرفات. وقد يكون مزاج الفرد مسيطراً واندفاعياً كصفاتٍ موروثة، أو قد يكون عاطفة ويشمل مجموعة عُقد اكتسبها ممّن حوله.
4- الخلق: يعد الخلق أهم عوامل تشكّل الشخصيّة، والذي يعطيها صفات الشر والخير، والتعاون، والصدق، والكذب، والصداقة، والمثابرة، والخداع.
5- الجسم: إنّ صحةَ الجسم وقوّته تكون مصدراً للضّعف والتراجع والثقة، كما أنّ سلامة العقل كقوّة التفكير والتذكر تبني جُزءاً من شخصيّة الإنسان.