هل شاهدت شخصاً لا يعرف المكان والزمان ولا يعرف الطريق إلى بيته ولا يستطيع أن يتعرف حتى إلى أقرب الناس إليه من أهله وأصدقائه؟
فلا يعرف الأخ أخاه ولا تعرف الزوجة زوجها وأبناءها هذا ما يمكن أن نشاهده في الحالات المتقدمة والشديدة من مرض الزهايمر.
ما هو مرض الزهايمر؟
سمي هذا المرض باسم العالم الألماني ألزهايمر الذي كشفه عام 1906 وحدد فيه التغيرات النسيجية الوصفية الحادثة في الدماغ والتي تؤدي لهذا المرض المعطّل لنشاط الشخص الذهني والحركي يعد مرض الزهايمر من أكثر أسباب الخرف وهو مشكلة صحية اجتماعية إنسانية آخذة في الازدياد والانتشار في مختلف بلدان العالم.
ما مسببات هذا المرض؟
يصيب المرض عادة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن أربعين سنة وتبين الإحصاءات أنه قد ازدادت نسبة حدوث هذا المرض خلال العقود الأخيرة ولقد عزي ذلك إلى أسباب مختلفة كالوراثة والفيروسات وأمراض نقص المناعة والمواد السامة وتلوث البيئة وغيرها.
وقد تبين أن 15٪ من الناس فوق 65 سنة يعانون من درجة من الخرف أو العتة الشيخي وأن 20٪ ممن تجاوزوا سن الثمانين مصابون بالمرض وعلى سبيل المثال هناك أكثر من مليوني أمريكي مصاب بهذا المرض وتبدأ الأعراض عادة بشكل تدريجي ومترقي ودون علامات مرضية لأي مرض آخر ولقد حددت ثلاثة عوامل رئيسية تؤثر بشكل ملحوظ على تطور المرض وهي العامل الوراثي والجنس والعمر.
إن دور العامل الوراثي مازال غامضاً لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أهميته وتدل الإحصائيات أيضاً على أن النساء أكثر إصابة من الرجال فهن في الأغلب يصبن قبل عشر سنوات من إصابة الرجال كما أن إمكانية حدوث المرض تتضاعف كل 5 سنوات بعد سن ال65 وبينت الدراسات أن احتمال الإصابة بالمرض تقلّ مع ارتفاع المستوى التعليمي لكن الأسباب الحقيقية مازالت غير واضحة تماماً.
كيف يظهر المرض؟
لمرض الزهايمر مراحل ودرجات مختلفة ففي الحالات المبكرة جداً يحدث فقدان جزئي في الذاكرة مع نقص في التركيز أما الفعاليات الأخرى اليومية فيزاولها المريض بشكل طبيعي ومع تطور المرض يزداد الشرود ونقص الذاكرة مما يسبب للمريض تراجعاً في فعالياته الذهنية والاجتماعية حيث يصعب عليه القيام بعمله أو معرفة المكان أو السفر إلى مكان يعرفه سابقاً وفي مراحل أكثر تقدماً يعجز عن القيام بالأعمال الذهنية البسيطة حتى يصل إلى درجة عدم مقدرته على التعرف إلى أقرب الناس إليه، وهكذا يمتد الخلل فيصيب التوجه واللغة والوظائف التنفيذية أما في النهاية فيصل المصاب إلى درجة لا يستطيع معها قضاء حاجته بمفرده.
في الحالات المبكرة يصعب كشف المرض حيث يختلط مع أمراض أخرى كالهمود الذي يحدث عند بعض كبار السن وقد استطاع الأطباء النفسيون أن يطوروا اختباراً لغوياً مبسطاً لكشف هذا المرض وتفريقه عن الهمود النفسي حيث يعطى للمريض أسئلة بسيطة تتدرج في صعوبتها فالشخص المصاب بمرض الزهايمر لا يستطيع التجاوب مع ازدياد صعوبة الأسئلة وتعقيدها وقد تم تصميم بعض الاختبارات لتحديد الوضع الذهني لدى الشخص المسن وهي تساعد بدورها على كشف المرض ومن الاختبارات العقلية البسيطة التي يمكن ذكرها في هذه العجالة تلك الأسئلة المستخدمة لتقييم وظيفة التعرف والتي تختل في مرض الزهايمر فيتم سؤال المريض عن العمر والوقت والعام ويعطى عنواناً ما ثم نسأله عنه في نهاية الاختبار ونطلب منه إجراء العد التنازلي من 20 إلى 1 ونعطي للمريض نقطة عن كل جواب صحيح وكلما كانت إجاباته خاطئة كلما كانت الإصابة متقدمة.
وهكذا يعتمد تشخيص الزهايمر على القصة السريرية والفحص الفيزيائي الاستقصائي الذي يظهر عدم وجود أي مرض آخر فالتشخيص القاطع لا نصل إليه إلا بعد دراسة خزعة من نسيج الدماغ.
العلاج والتدبير
تبين للعلماء والمختصين في مرض الزهايمر مدى صعوبة تحديد مقدار الضعف والوهن الذي يصيب الذاكرة والانتباه وحدوده ونتائجه إذ لم نتمكن حتى الآن من وقف التدهور في هذه الخلايا العصبية مهما كانت العلاجات المستخدمة ولاشك أن هذا يعود بشكل أساسي إلى عدم معرفة الأسباب الدقيقة للمرض،وقد استخدمت العديد من الطرق العلاجية ولكن النتائج كانت محدودة وتبين أن استخدام بعض أنواع الأدوية التي تثبط خميرة الكولين استراز تؤدي إلى تحسن محدود في وظائف المريض لكن هذا التحسن يقتصر على نصف الحالات وهي لا توقف سير المرض الذي يترقى حتى يحدث العجز المحتوم في النهاية.