أطلق اسم المركبات العضوية على المركبات المستخلصة والناتجة من العضوية الحيّة الحيوانية والنباتية حيث كان اعتقاد الكيميائيين القدامى بأنّ هذه المركبات لا يمكن أن تتشكل إلا نتيجة قوة خفية داخل الخلية الحية ولا يمكن تحضيرها مخبرياً لكن هذا المفهوم بدأ بالانحسار عام 1828 عندما لاحظ العالم الألماني فوهلر أن تبخير محلول مائي من سيانات الأمونيوم يؤدي إلى ظهور اليوريا التي تطابق في خواصها وصفتها اليوريا الطبيعية وفي عام 1843 اصطنع حمض الخل من عناصره البسيطة كما صنعت مواد أخرى عديدة والآن يفوق عدد المركبات العضوية الأربعة ملايين مركباً.
التعريف الحديث للمركبات العضوية
بعد تصنيع المركبات العضوية مخبرياً فقدت الكيمياء العضوية تعريفها القديم فهي الآن كيمياء مركبات الكربون وقد فصل هذا التعريف الكيمياء العضوية عن الكيمياء اللاعضوية والتي تهتم بدراسة مركبات بقية عناصر الجدول الدوري كلها رغم أننا ندرس في الكيمياء اللاعضوية عنصر الكربون ومركبات اللاعضوية أي أنّ المركب العضوي يحتوي بالضرورة على عنصر الكربون إلا أنّ العكس ليس صحيحاً في الحالة العامة.
تدخل بعض العناصر كالأكسجين والهيدروجين والآزوت مع الكربون في مركبات بنسب مختلفة.
الصفات المميزة لعنصر الكربون
إنّ موقع عنصر الكربون في الجدول الدوري بنيته الذرية جعلت منه العنصر الوحيد في هذا الجدول القادر على تشكيل العدد الهائل من المركبات العضوية المختلفة وجعله العنصر الذي يلائم تطور الحياة ومراحلها المختلفة حيث أنه يتمتع بكهرسلبية متوسطة إذا ما قورنت ببقية العناصر.
لذا فهو يتشرد بسهولة من خلال فقد الالكترونات أو اكتسابها أضف إلى ذلك أنّ طبقته الإلكترونية الخارجية تحتوي على أربعة الكترونات يستطيع كل منها الاشتراك بزوج الكتروني مع ذرة أخرى مشكلاً ما يسمى بالرابطة المشتركة ويحصل الكربون نتيجة ذلك على وضع إلكتروني يشبه الغاز الكامل ويستطيع كل من الهيدروجين والأكسجين والآزوت الارتباط مع الكربون بهذه الطريقة ( أي بواسطة الروابط المشتركة) هو الحال في غاز الميتان.
إلا أنّ الخاصة الأساسية للكربون التي تميزه عن بقية العناصر الأخرى عدا السيليكون والتي تفسر الدور الجوهري الذي يلعبه هذا العنصر في أصل وتطوّر الحياة هي مقدرته على الاشتراك بأزواج إلكترونية بين ذراته مشكلاً روابط مشتركة قويّة تؤلف هذه الظاهرة البسيطة أساس الكيمياء العضوية فهي تسمح بتشكيل عدد هائل من السلاسل الكربونية الخطية أو المتفرعة أو الحلقية أو الهيكلية والتي تكون مطعّمة بذرات الهيدروجين والأكسجين والآزوت وبعض العناصر الأخرى التي تستطيع أن تسهم في تشكيل الروابط المشتركة.
نجد إلى جانب الكربون أن السيليكون هو العنصر الآخر القادر على تشكيل مثل هذه الروابط المشتركة مع ذرة سيليكون أخرى لكنّ هذه الروابط لا تبقى كثيراً في جو الأرض الغني بالأكسجين لأنها تتأكسد بسهولة متحولة إلى السيليكا المكون الأساسي للكوارتز والرمل.
حيث تبلغ قيمة الرابطة بين ذرتي سيليكون 176 كيلو جول المول الواحد، بينما تبلغ قيمة الرابطة كربون كربون 347 كيلو جول للمول الواحد وهي أعلى من جميع طاقات تشكّل الروابط البسيطة متجانسة النوى ماعدا الطاقة المنتشرة عند تشكيل الرابطة بين ذرتي هيدروجين.
وهذا ما يجعل الكربون العنصر الوحيد القادر على تشكيل هياكل الجزيئات المكونة للمادة الحية على الأرض.
الصفات المميزة للمركبات العضوية
تتصف المركبات العضوية بخواص فيزيائية وكيميائية تميّزها بشكل واضح عن المركبات اللاعضوية حيث أن المركبات اللاعضوية بشكل عام تكون على الأغلب صعبة الانصهار وقليلة التطاير غير قابلة للانحلال في المذيبات اللاقطبية لكنّها ذوابة في الماء إذ أنها تمتاز بالترابط الشارد بين ذراتها.
أما المركبات العضوية فتختلف في كون الترابط بين ذراتها من نمط الروابط المشتركة عموماً وهكذا نرى أن درجات انصهار معظم المركبات العضوية ودرجات غليانها منخفضة نسبياً إذ تصادف أغلب المركبات العضوية عند الدرجة العادية من الحرارة في الحالة السائلة وتمتاز المركبات العضوية بكثافة تكون دوماً قريبة من الواحد وغالباً غير ذوابة في الماء غير أنها تذوب في المذيبات اللاقطبية مثل البنزن والهكسان والايتر وإن كان هناك بعض المركبات التي تذوب في الماء مثل الأغوال فهي قليلة ويعود سبب ذوبانها إلى قطبيتها كما أنّ معظم المركبات العضوية تتفكك بسهولة تحت تأثير الحرارة وهي قابلة للاحتراق بشكل عام.
تكون تفاعلات المركبات العضوية بطيئة نسبياً إذا ما قورنت بالتفاعلات اللاعضوية وتتعلق سرعة تفاعلاتها بدرجة الحرارة إلى حدّ كبير وتحتاج إلى وسيط في أغلب الأحيان أضف إلى ذلك مردود التفاعل العضوي أقل من القيمة النظرية وهذا نتيجة اتجاهات جانبية للتفاعل.