في القرن الثالث الميلادي كانت الملكة زنوبيا المعروفة أصلاً باسم باث زباي حاكمة شرسة لمدينة تدمر السورية.
عرفت زنوبيا باسم “الملكة المحاربة” وسّعت تدمر من العراق إلى تركيا وغزت مصر وتحدت هيمنة روما.
على الرغم من هزيمتها في النهاية على يد الإمبراطور أوريليان إلا أن إرثها كملكة محاربة شجاعة عززت التسامح الثقافي بين شعب سوريا لا يزال حياً لغاية اليوم.
زنوبيا فارسة خبيرة
نشأت العديد من الأساطير حول هوية زنوبيا ولكن يبدو أنها ولدت في عائلة من النبلاء العظماء حيث كانت الملكة ديدو من قرطاج وكليوباترا السابعة ملكة مصر من أسلافها.
تلقّت زنوبيا تعليماً هلنستياً وتعلمت اللغات اللاتينية واليونانية والسريانية والمصرية كانت هوايتها المفضلة في طفولتها هي الصيد ،وأثبتت أنها فارسة شجاعة ورائعة.
على الرغم من ذلك يبدو أن العديد من المصادر القديمة تنجذب إلى صفة واحدة لزنوبيا وهي جمالها الاستثنائي حيث أسرت الرجال في جميع أنحاء مملكتها بمظهرها الآسر وسحرها الذي لا يقاوم.
العلاقة بين تدمر وروما
في عام 267 تزوجت زنوبيا البالغة من العمر 14 عاماً من أوديناثوس حاكم سوريا المعروف باسم “ملك الملوك” بين قومه. كان أوديناثوس حاكماً على تدمر وهي دولة تابعة لروما.
أقام أوديناثوس علاقة خاصة مع روما بعد أن طرد الفرس من سوريا عام 260 ومكّن هذا أوديناثوس من جباية الضرائب وأهم تلك الضرائب هي ضريبة بنسبة 25 ٪ على الأشياء التي تنقلها الجمال (مثل الحرير والتوابل) تلك الضريبة مكّنت تدمر من الازدهار والوصول إلى ثروة ضخمة وأصبحت تعرف باسم “لؤلؤة الصحراء”.
حلت قوة أوديناثوس محل جنرالات المقاطعات الرومانية في الشرق وكان مسؤولاً عن الشرق الروماني بأكمله ومع ذلك نشأ الصراع حول مصدر هذه القوة هل كانت من الإمبراطور (في هذا الوقت فاليريان) أم كما رأت محكمة بالميرين أن مصدر قوته من تراثه الإلهي؟
كيف أصبحت زنوبيا ملكة؟
تم إحباط طموحات أوديناثوس في ترسيخ ادعائه كزعيم حقيقي لإمبراطوريته عندما قُتل هو ووريثه هيرودس في عام 267 م وقد ذكرت بعض الروايات أنّ زنوبيا تآمرت عليه.
كان الوريث التالي الباقي على قيد الحياة هو الطفل الصغير فابالاتوس فانتهزت زنوبيا الفرصة لإعلان نفسها وصية على العرش واستولت على الأراضي في الشرق وعقدت العزم على إثبات تدمر على أنها مساوية أو حتى متفوقة لسلطة روما.
في ذلك الوقت كانت الإمبراطورية الرومانية تعاني من أزمة سياسية واقتصادية استفادت زنوبيا من ضعف روما وبدأت ببطء ولكن بثبات في تقويض علاقة تدمر مع روما.
وتمكنت بذكاء وقوة جنرال مخلص من ضم العديد من الدول المجاورة بما في ذلك كل من سوريا والأناضول (تركيا) والجزيرة العربية.
سواء من أجل الحماية الاقتصادية لمدينة تدمر ثم استولت في عام269 على الإسكندرية وبعد عام واحد وضعت مصر تحت سيطرتها هزّ هذا روما حيث كانت الحبوب والثروة المصرية شريان الحياة للإمبراطورية الرومانية.
وبحلول عام270 كانت زنوبيا تُطبع العملات المعدنية والبرديات باسمها كملكة الشرق “زنوبيا أوغوستا” في هذه المرحلة بدت قوتها لا حدود لها.
نهاية ملكها
كان أوريليان جندياً متمرساً وسيداً في التكتيكات العسكرية رفض الوقوف مكتوف الأيدي أمام اعتراض زنوبيا علناً على السلطة الرومانية وصكها العملات المعدنية باسمها “زنوبيا أوغستا” وتسميتها لابنها فابالاثوس باسم القيصر.
رداً على ذلك ، تقدم أوريليان عبر آسيا الصغرى وهزم فيلق زنوبيا البالغ 70000 بالقرب من أنطاكية فأُجبرت قوات زنوبيا على التراجع والهروب إلى تدمر.
استعاد أورليان صفوفه وانتصر على زنوبيا على ضفاف نهر الفرات مما أجبرها على الاستسلام.
وانتهت فترة حكم تلك المرأة التي وقفت في وجه الامبراطورية الرومانية دون خوف أو وجل.