هل تخيلتم يوماً أصدقاء تتكلمون معهم ويتكلمون معكم ولكنهم غير موجودين أي أشخاص ترونهم أنتم فقط إن كانوا بشراً أو حيوانات ناطقة أو حتى شخصيات أسطورية؟!
هذا وارد جداً وربما يبدو طبيعياً للبعض ولكن ماذا لو عرفتم أنّها ظاهرة بحد ذاتها بل أن ما تخيلتموه قد يخرج إلى العالم الخارجي هذا ليس من تأليف قصص الخيال بل هذا ما قاله العلم فهناك تجارب شخصية ومعلومات صادمة فلنغص في عالم النظام العقلي الغامض ولنتعرف على ظاهرة التولبا.
تعريف التولبا ونظامها
التولبا هي مخلوق خيالي يسكن داخل عقل الإنسان هذا المخلوق ليس بالضرورة أن يكون بشرياً فبعض المشاهدات أوردت أن التولبا تنوعت ما بين أشخاص إلى حيوان أو حتى إحدى المخلوقات الأسطورية وهي لا تظهر فجأة بل الشخص نفسه يقوم بخلقها داخل عقله باستخدام خطوات محددة.
هذه الظاهرة لها نظام خاص بها يتكون من المستضيف أي الشخص نفسه والتولبا الخاصة به بحسب المعتقدين بهذه الظاهرة فإنّ التولبا تنقسم إلى صنفين صنف يبقى داخل عقل المستضيف ونوع آخر يخرج عن السيطرة ويغادر العقل فتصبح كنوع من الأطياف والأشباح التي ترافق مستضيفها في كل نواحي حياته البعض سيقول أنها تتشابه إلى حد كبير مع الصديق الخيالي إلا أنّ هناك العديد من الفروقات تظهر مابين الظاهرتين أبرزها أنّ التولبا لا يمكن التحكم بها فعلى عكس الصديق الخيالي التولبا لها رأيها وتصرفاتها الخاصة والمنفصلة عن تفكير مستضيفها بينما الصديق الخيالي يعتبر حتى لمن يمرون بهذه التجربة خيال وغير حقيقي بينما معتقدو التولبا يؤمنون بأنّ التولبا خاصتهم حقيقية بل يجزمون أنهم في مرحلة ما يستطيعون رؤيتها أمامهم كما أنّ الصديق الخيالي في أغلب الأحيان يختفي مع التقدم في العمر والخروج من مرحلة الطفولة والمراهقة كأقصى حد إلا أنّ التولبا تبقى مرافقة لصاحبها بل أكثر من هذا بعض الأشخاص قد خلقوا التولبا واستضافوها في عقولهم في سن متقدمة.
والحديث بين المستضيف والتولبا خاصته يكون دوماً داخل العقل بمعنى أن الشخص المستضيف دائم الحديث مع التولبا بشكل باطني عن طريق التأمل بل إن المستضيف يلجأ إلى استشارة التولبا خاصته في أبسط الأمور ومع مرور الوقت وتوطد العلاقة بين المستضيف والتولبا يصبح هذا المخلوق وعالمه الملاذ الآمن للمستضيف عند شعوره بالقلق والخوف.
المجتمعات الخاصة بالتولبا
ومن الملفت وجود مجتمع خاص بالتولبا وهو ينشط بشكل خاص على مواقع التواصل الاجتماعي وأبرزها الموقع الشهير ريدات وفي إطلاع سريع على ماهية هذا المجتمع نجد أن المعتقدين بهذه الظاهرة يتداولون في هذه المواقع أخبار التولبا الخاصة بهم ويسردون يومياتهم معها كما أنهم يطلبون نصيحة الآخرين في حال نشوب خلاف بين المستضيف والتولبا الخاصة به.
لأول وهلة وعند قراءتك لما يتم كتابته والتناقش فيه تظن أنّ الأمر يتعلق بأفراد بشرية ومشاكل خاصة بهم وبالأخص أنّ أغلب رواد هذه المواقع هم من البالغين بل إنّ العديد منهم من أصحاب الشهادات العليا والوظائف الهامة إلا أن كل الأمر يتعلق بالتولبا وأمورها فالعدد الكبير من المنتسبين إلى هذه المواقع يشيرون إلى مدى الانتشار الكبير لهذه الظاهرة إلا أن هذا المصطلح أو الظاهرة ليس وليد عصرنا هذا بل له تاريخ سابق ويتعلق بديانة محددة إذ نرى ذكراً لهذه الظاهرة في بدايات القرن العشرين وتحديداً عند الثيو صوفيين حيث قاموا بتغيير المصطلحات البوذية المتعلقة بالتـأمل والروح الثالثة بحسب معتقداتهم إلى مصطلح التولبا ونجد ذكراً لهذه المصطلحات في كتاب للكاتبة أني بيزانت والتي تعتنق الثيو صوفية صدر عام1901 كما أن الكاتب إيفان وينتز وفي ترجمته لكتاب the Tibetan book of the dead العائد للحضارة التبتية نجد أيضاً ذكراً لمصطلح التولبا.
الكاتبة والمختصة بالروحانيات والخوارق اليكساندرا نيل أكدت في كتابها Magic And Mystery In Tibet على مشاهدتها لطقوس خلق وتحضير التولبا في التبت عند أتباع الديانة البوذية في القرن العشرين أثناء رحلتها إلى هناك بل وتذكر في كتابها أنها قامت بخلق التولبا الخاصة بها كذلك واستمرت إلى فترة من الوقت بالتواصل معها حتى قامت بالتخلص منها بعد خروجها عن السيطرة بحسب ما ذكرت في كتابها.
ابتداء من العام 2009 بدأ مصطلح التولبا بالتداخل مع مصطلح الصديق الخيالي وبدأ بالانتشار إلى حد تكوين المجتمعات كما ذكرنا سابقاً.
أبرز الشخصيات التي يقوم الأشخاص بخلق التولبا منها قد تثير استهجانكم فمثلاً شخصيات المسلسل الكرتوني الشهير ماي ليتل بوني هي إحدى أبرز الشخصيات الخيالية التي يقوم البالغون بخلق التولبا الخاصة بهم منها ونجد ذكراً لهذه الشخصيات في المدونات والمواقع الخاصة بهذا المجتمع.
ومن الملفت أنّ العديد من المشاهير والشخصيات البارزة تعتقد بوجود التولبا ومن الأمثلة على ذلك الكاتبة البوليسية أجاثا كريستي والتي قالت بأنها كونت العديد من التولبا والأصدقاء الوهميين منذ طفولتها ورافقوها طيلة حياتها وكانت تفضلهم على الشخصيات التي كانت تبتكرها في رواياتها وقد أكدت أن شخصيات روايتها بعيدة كل البعد عن أصدقائها الوهميين.
عرّاب العلوم السياسية ميكافيللي يذكر في كتابه أصدقاءه من عقله الباطني ويخبرنا أنه كان يحدثهم في السياسة ويحاول فهم الدوافع وراء أعمالهم كما أنه كان يخصص أربع ساعات من يومه للغوص في عالم التولبا حيث يقول أنه كان ينسى كل ما حوله وينتقل إلى عالم آخر تمام وهناك الكثير من الشخصيات المشهورة التي تؤكد أنّ خلق التولبا لا يأتي صدفة بل هم جميعاً قاموا باتباع خطوات محددة لخلق التولبا.
خطوات خلق التولبا
لتخلق التولبا خاصتك عليك القيام بالخطوات التالية:
التخطيط
فيجب أولاً أن تفكر طويلاً قبل أن تخلق التولبا خاصتك بعد هذا قم بتخطيط وتصميم التولبا خاصتك أي فكر وصمم شكل التولبا الذي تريده مترافقاً مع شخصيتها
التصور
أي تصور التولبا عبر الجلوس وإغماض عينيك مع التحلي بالصبر ثم حاول أن تلمس التولبا خاصتك في مخيلتك لتخلق رابطاً بينكم وقم بخلق رائحة معينة للتولبا خاصتك لتتعرف عليها أكثر وتخيّل طريقة حركتها ومشيها كذلك تصوّر عالماً خاصاً بك وبالتولبا الخاصة بك حيث يمكن أن تجتمعا في مخيلتك وحتى يمكن أن تتنزهوا.
التواصل الشفهي
تحدث مع التولبا إما بعقلك أو حتى بصوت مرتفع عن أي موضوع كان ودائماً عليك التحلي بالصبر حتى تحصل على الإجابة التي غالباً ما تأتي متأخرة عندما تبدأ التولبا بالحديث يمكنك أن تختار صوتاً معيناً لها إن لم تكن هي قد حددت صوتاً خاصاً بها.
تأكد من أنّ التولبا خاصتك تحسّ عبر إغلاق عينيك وإخبارها أنك فتحت عقلك لها واطلب منها الدخول إلى عقلك وبالتالي ستستطيع التولبا الدخول إلى ذكرياتك وأحاسيسك وكل ما يتعلق بك وللتأكد من واقعية وإحساس التولبا عليك أن تنتظر أن تجيبك التولبا بجمل كاملة وأن تخبرك برأيها الشخصي كما أنها ستفاجؤك بتصرفات غير متوقعة.
نقل التولبا خاصتك من عقلك إلى الواقع
وذلك عبر التخيل أنّ التولبا التي تسكن عقلك تمشي خلفك قم بذلك أكثر من مرة ستشعر بعد ذلك بوجودها ولو لم تتمكن من رؤيتها إلا بعين العقل الباطني واحرص دائماً على المواظبة على زيارة مجتمعات التولبا وقم بمشاركة الآخرين قصصهم ويومياتهم.
إنّه أمر غريب وعجيب ولكنه واقع ويحدث بل ويصبح شائعاً شيئاً فشيئاً حتى أنّ العلم قد استخدمه.
رأي العلم في ظاهرة التولبا
في البداية كان الحديث عن أي مخلوق من داخل عقل الإنسان ضرباً من الجنون بل كان علماء النفس يعتقدون أنّ الأمر خطير يتوجب العزل في مصحّ نفسي ومع تقدم العلم والطب تغيّر الأمر حيث أنّ شريحة واسعة من علماء النفس تستخدم ظاهرة التولبا كعلاج فعال لحالات الوحدة والعزلة وتأخر النطق وخاصة عند الأطفال.
ومن جهة أخرى يرى العديد من علماء النفس في الأمر خطورة بالغة لأنه من الممكن أن تخرج التولبا عن السيطرة وتسيطر على الشخص وكيانه وينتهي الأمر بشخصين في جسد واحد مما قد يسبب انفصام الشخصية.
فالعلم أقرّ بظاهرة التولبا وإن كان البعض استخدامها كعلاج والبعض الآخر عارضها بشدة وحذّر من خطورتها.