إن مبادئ الفلسفة الليبرالية أو فلسفة حرية الإرادة تتأسس على مقاربتها من مسائل طبيعة الإنسان وطبيعة المجتمع وحول علاقة الإنسان تجاهه وكذلك حول طبيعة المعرفة والحقيقة وبما أن الفلاسفة الذين يدافعون عن حرية الإرادة يمكنهم وبقوة الاختلاف في وجهات النظر فإنهم يستعرضون مجموعة كاملة من الطرق العامة والتي تسمح بإدراجهم في المدرسة العامة أو في منظومة الفلسفة وحسب أنصار مذهب حرية الإرادة الإنسان هو حيوان ناطق ويعتبر الهدف ذاته.
أهمية الإنسان في الليبرالية
تعتبر سعادة الفرد ورفاهيته هدف المجتمع والإنسان ككيان مفكر قادر على تنظيم العالم حول نفسه واتخاذ القرارات التي سوف تتناسب مع مصالحه مع العلم أن الناس لا يلجؤون عادة إلى القدرة والموهبة التي منحها الله إياهم في التفكير والمحاكمة عند معالجة المشكلات الإنسانية فإنهم في آخر المطاف يحركون الحضارة إلى الأمام بعد أن يلقوا سوية قراراتهم الفردية.
والإنسان يتميز عن الحيوانات بالقدرة على التفكير والتذكّر واستخدام خبرته والوصول إلى الاستنتاجات والخلاصات هذه القدرة والموهبة تجعل الإنسان فريداً ويعتبر أساساً للحضارة ومحرّكاً لها.
إنّ التحقيق الذاتي للفرد يصبح بهذا الشكل هدفاً نهائياً للإنسان والمجتمع والدولة.
إن أنصار عقيدة حرية الإرادة يقتربون بالتفسير بأشكال مختلفة من منشأ المجتمع لكنهم جميعاً يلتقون في أنّ الوظيفة الأساسية للمجتمع تحريك مصالح أعضائه الفرديين والكثيرون من أنصار الليبرالية بالحنين يفكرون بالإنسان الطبيعي المتحرر من الكثير من صفات الحضارة علماً بأن المجتمع يستطيع دون شك المساعدة كثيراً في تحقيق الرفاهية للإنسان وينبغي عليه إيجاد طرق الصمود في وجه نزعة المجتمع للاضطلاع بدور أساسي وأن يصبح الهدف ذاته.
ينكر فلاسفة الليبرالية بقوة أن يعد المجتمع التعبير الثاني عن الطموحات الإنسانية مع العلم أنها في بعض الترددات تقبل بأن تكون الدولة أداة مفيدة وحتى ضرورية فالدولة تقوم كطريقة لتأمين الوسط للفرد الذي يستطيع فيه توظيف إمكاناته وقدراته وعندما تفشل الدولة بالتحرك نحو هذا الهدف تصبح عقبة لا بد من تجاوزها أو تبديلها بصورة راديكالية.
فالفلسفة الليبرالية ترفض الحكم بأن الدولة تتحول إلى جوهر منفصل أكثر أهمية من الأعضاء الفرديين في المجتمع الذي يكونونه.
الطبيعة اللاهوتية للنظرية الليبرالية
فيما يتعلق بطبيعة المعرفة والحقيقة فإن النظرية الليبرالية تذكر بالمذاهب اللاهوتية في مطلع المسيحية.
استناداً إلى هذه النظرية فإن القدرة على المحاكمة والتفكير كانت قد منحت من الله تعالى شأنها شأن المعرفة حول الخير والشر بعد الحصول على هذه الورثة والتركة من الخالق استطاع الإنسان إدراك العالم من حوله من خلال الجهود الذاتية فباستخدام هذه البنية التحتية فإن أنصار الليبرالية بنوا البنية الفوقية التي تميزت جوهرياً عن تلك التي طورها الفلاسفة في القرون الوسطى وأصبحوا يضيفون على تركة الإنسان أهمية أقل أما قدرته الفردية في حل مشكلات البناء العالمي فقد أضحت أكثر معنى ودلالة إنّ المطلوب من العقل أن يعمل على أساس التفكير وليس كما حصل في الأزمنة السابقة عندما استنفذت جميع المصادر الاستبدادية.
لكن الطريقة الوحيدة في إيجاد التفسير الذي يتمتع بالسمعة أن المفهوم الذي يفيد بوجود تفسير واحد لا يدحض الظواهر الطبيعية الذي يجري الحصول عليها بمساعدة التجربة الميكانيكية والملاحظة وقد أصبح موديلاً وأنموذجاً لأن الفلاسفة الليبراليين يستخدمونه من أجل تعميمه على جميع ميادين المعرفة مع العلم أن الطريق نحو الحقيقة استطاع أن يمر عبر مستنقع المناقشات والمجادلات والاختلافات فإن ما وجدوه في نهاية هذا الطريق كان محدداً ومبرهناً ومقبولاً بالنسبة للناس العقلاء.
وخلاصة القول إن الفكرة الرئيسية الكامنة في أساس كافة اتجاهات عصر النهضة كانت تتلخص في القناعة بأن العقل الإنساني قادر بنفسه ودون تدخل خارجي من الطبيعة على إدراك نظام العالم وأن الطريق الجديد لفهم العالم وإدراكه سيقود إلى طريق جديد لاستيعابه.