التلوث بالضجيج أو الضوضاء من أخطر ملوثات البيئة المحيطة بالإنسان وقد تفاقمت آثاره مع تقدم الصناعة والتكنولوجيا الحديثة وسببت للإنسان أمراض نفسية وسمعية وجسمية أيضاً.
منذ القدم شكلت الأصوات المرتفعة مصدر خوف للإنسان وارتبطت بمظاهر الكون المخيفة كالأعاصير والزلازل والرعد لارتباطها بما تسببه من أذى وقد استخدم الجيش الروماني ظاهرة الصوت المرعب في حروبه لإخافة الأعداء بالإضافة إلى بعض القبائل الإفريقية التي كانت تستخدم الطبول لإخافة خصومها وفي الصين تم تنفيذ حكم الإعدام عن طريق قرع الطبول بشكل مستمر حتى الموت وحاليا تستخدم القنابل الصوتية لبث الرعب والخوف بين الأهالي في الحروب.
تعريف الضجيج
عرف الضجيج منذ القدم فقد عرفه دانتي صاحب الكوميديا الإلهية بأنه من اختراع الشيطان وأنه يمنع العقل من التفكير والإبداع وقد منع إصدار الأصوات ليلاً في الأماكن التي يسكنها الفلاسفة كونه يحد من قدرتهم على العطاء.
ينتقل الصوت بشكل عام على شكل موجات متتالية تنتشر في جميع الاتجاهات والصوت عبارة عن طاقة لها شدة تقاس بوحدة تسمى الديسيبل ،يبدأ قياس شدة الضجيج بوحدة القياس الديسبيل من الصفر للأصوات الساكنة مثل حفيف الأشجار وتزداد هذه الشدة كلما كانت الأصوات عالية وحين تبلغ شدة الأصوات أكثر من ١٣٠ديسيبل تصبح هذه الأصوات مزعجة مع تسببها بألم مثل صوت مدفع أو طائرة نفاثة.
مصادر الضجيج
مصادر الضجيج عديدة ويمكن سماعها في كل مكان حولنا في الشارع وفي العمل وحتى في المنزل ونظراً لتقدم وسائل التقنية الحديثة لرفاهية الإنسان فقد غزا الضجيج حتى أماكن الراحة المخصصة للإنسان.
تعتبر وسائل النقل المختلفة من سيارات وباصات ودراجات نارية وقطارات وطائرات بالإضافة إلى الغازات السامة والضارة تزداد شدة ضجيج السيارات في المدن الكبرى في العالم كما تعاني المناطق السكنية الواقعة على جانبي السكك الحديدية ازعاجاً بالضجيج بالإضافة إلى المدن المجاورة للمطارات.
تسبب الآلات الصناعية وعمليات التصنيع الضجيج مثل آلات الطباعة و آلات الثقب والطحن والقطع وآلات الحفر والبناء وأدوات الطرق اليدوية لذا يجب إنشاء المصانع في مناطق بعيدة عن الأماكن السكنية.
مخاطر التلوث بالضجيج
للضجيج أو الضوضاء آثار سلبية كثيرة على الإنسان تسبب له الإزعاج ومن ثم الألم والمرض بالإضافة إلى الآثار النفسية والجسمية والإقتصادية وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الصوت الهادئ ينشط عمليات التفكير وصفاء الذهن ويريح الجهاز العصبي.
الآثار النفسية التي يسببها الضجيج
يؤثر الضجيج في قشرة المخ مما يؤدي إلى القلق واستثارة الغضب والتوتر وعدم الارتياح الداخلي وقلة التركيز الفكري وبالتالي يزيد نسبة الأدرينالين ويخفض نسبة السكر في الدم بسبب اتخاذ الجسم وضعية دفاعية ضد تأثير الضجيج.
الآثار الجسمية للضجيج
يسبب الضجيج اضطرابات في الجهاز العصبي والجهاز القلبي الوعائي وأعراض مرضية مثل نقص السمع واضطراب في التوازن بالإضافة إلى عدم انتظام النبض وارتفاع ضغط الدم وتضييق الشرايين وزيادة ضربات القلب وأمراض المعدة كالقرحة وضعف القدرة الجنسية أيضاً.
يؤثر الضجيج أيضاً على الذاكرة ويسبب فقدان تدريجي بها وتقل القدرة على التركيز الذهني ويسبب الضجيج سوء في إفراز الغدد الصم ويصبح الجسم أقل مقاومة للأمراض وخاصة العصبية منها بالإضافة إلى زيادة احتمال الإصابة بالأمراض الخبيثة والشيخوخة المبكرة.
الآثار الاقتصادية الناتجة عن الضجيج
يؤدي ارتفاع مستوى الضجيج إلى نقص القدرة على العمل وقلة الإنتاج كما أن الأشخاص الذين يعملون في أجواء يكون فيها مستوى ضجيج مرتفع يعانون من أمراض الجملة العصبية أكثر بثلاث مرات ممن يعملون في الأجواء الهادئة.
إنّ إصابة العمال بأمراض الجهاز العصبي والصداع والتعب في أماكن الضجيج يؤدي إلى قلة قدرتهم على العمل وانخفاض إنتاجيتهم.