يمثل الحمام العربي أحد أهم مظاهر الحضارة العربية القديمة وقد كان من أساسيات الحياة منذ زمن ليس ببعيد وقد كان يشكل فاصلاً بين العزوبية والزواج فقبل العرس لابد من دخول الحمام حيث كانت زيارة الحمام من أهم مظاهر الحياة الاجتماعية في المدن العربية ولم تقتصر على الحكام والسلاطين وحسب وإنما امتدت أيضاً إلى الطبقة العامة حيث أصبح يشكل أحد مظاهر الترف والرفاهية.
مواصفات الحمّام
تميز الحمام بهندسته المريحة وألوانه الزاهية من الداخل ونقوشه البديعة وبنيت أرضيته من الرخام أو السيراميك وجدرانه من الموزاييك وأبوابه صغيرة لتتلاءم مع حفظ الحرارة وتزخر فيه السلسبيلات والفسقيات والمغاطس والبرك الباردة فالحمام المثالي هو الذي تجتمع فيه الظروف المختلفة للفصول المتعاقبة.
يتألف الحمام من خلوات تتميز كل واحدة منها بجوها الخاص وتؤمّن العزلة عن الغرف الأخرى وبالتالي عن الآخرين فلا يرى الناس بعضهم إذا لم يكونوا معارف أو أهل إضافة إلى المصاطب المخصصة للجلوس والاسترخاء بعد الاستحمام وعادة ما يتولى الغلمان أمر الخدمة في الحمامات حيث يتم تدريبهم على يد الحمامي نفسه.
الدخول إلى الحمّام
عند الدخول إلى الحمام يتم تسليم كل المقتنيات إلى الحارس ويتم وضعهم في صندوق خاص ثم خلع الثياب وتوضع بدلاً منها المناشف يلي ذلك الدخول إلى أول غرفة حيث تبدأ درجة حرارة المياه بالارتفاع قليلاً والبخار يملأ الجو وفيها الفسقية التي يتناثر منها الماء من الجوانب وبعدها يدخل الليوان حيث البخار يملأ الجو فيأتي البلان ليدلك الجسم ويطقطق الإطراف وعظام الظهر بعد ذلك يدخل إلى غرفة أخرى مياهها ساخنة جداً ويفرك الجسم بالليفة والصابون المعطر ثم فرك الرجلين بحجر الحمام لإزالة القشرة الميتة عن القدمين.
الحمّام يضفي الجاذبية
يترك الحمام والتدليك أثراً جميلاً على الوجه والجسم وهو يزيد من الإغواء والإغراء فالحمام يعطي جاذبية خاصة وخاصة عند المرأة التي تزداد رونقاً وجمالاً حيث يبدو المستحم في أجمل صورة وقد توردت وجنتاه واحمرت شفاهه ولمع جلده.
الحمّام واحة السعادة
تبعد أجواء الحمام القلق والضيق وتترك الإنسان في حالة من الاسترخاء والنشوة ولهذا الأمر خصصت قاعات خاصة مفروشة بالبسط والمساند الوثيرة حيث يقوم المستحم بالتمدد والاستلقاء فيها.
الحمّام بعد المرض
يلعب الحمام أيضاً دوراً علاجياً فقد كان الملوك يدخلون الحمام بعد التعافي من الأمراض أما بالنسبة للمرأة فقد كان دخول الحمام بعد المرض دليل يؤكد على شفائها كما أنها كانت تدخله بعد الولادة بأربعين يوماً.
يتم في الحمام أيضأ عملية الحجامة وهي سحب الدم الفاسد من الجسد.
دخول الحمّام قبل العرس
لم تكن الأفراح لتكتمل بدون دخول الحمام إن كان للعروس أو للعريس فالعريس يدخل الحمام مع أقاربه وأهله وبعد الاستحمام يلبس أفخر ثيابه ويؤخذ من الحمام محمولاً على الأكتاف وكان الدخول إلى الحمام يدل على الرفاهية والثراء.
أما العروس فكانت تذهب إلى الحمام لتستعرض ما لديها من مجوهرات وثياب فاخرة وكانت تجلب معها الطاسات ومجامر البخور والأغطية والشموع وغيرها من الأشياء التي تدل على ثرائها.
المرأة في الحمّام
لم يكن الحمام حكراً على الرجال ولهذا الغرض قسم أصحاب الحمامات دوام الحمام بين الرجال والنساء.
كانت زيارة الحمام أحد النشاطات المهمة للمرأة وهي إحدى المناسبات التي تجتمع فيها مع غيرها من النساء لتبادل الأحاديث والتسلية وكان الحمام مناسبة لتعرض المرأة ما تمتلك من جواهر وذهب وثياب فاخرة وبالتالي كان الحمام مكاناً مناسباً لإيجاد عرسان المستقبل وخاصة أنه في بعض خلوات الحمام تكون النساء عاريات ولم يكن الزوج ليمنع زوجته من الذهاب إلى الحمام لأن هذا كان يدل على رقيه وتقدمه.