التعرض للتنمر هو أمر مفجع وبائس بالنسبة لأولئك المستهدفين، لكن العديد من البالغين الذين لم يتعرضوا للتنمر فشلوا في إدراك أن عواقب التنمر كبيرة ويمكن أن يكون لها تأثير دائم، غالباً ما يُطلق على هذا النقص في الفهم “فجوة التعاطف”، إن العمل على سد هذه الفجوة هو أحد أفضل الطرق لتحسين سياسات التنمر ومنع التنمر.
في الواقع، لن تكون جهود الدفاع عن الضحايا فعالة ما لم يدرك الناس حقاً كيف يمكن أن يكون التنمر مؤلماً وصادماً، في هذه المقال سنلقي الضوء على آثار التنمر وكيف يمكن للضحايا التعافي.
أولاً: التأثير الاجتماعي والعاطفي للتنمر
غالباً ما يعاني الأطفال الذين يتم استهدافهم من قبل المتنمرين عاطفياً واجتماعياً، حيث لا يجدون صعوبة في تكوين صداقات فحسب بل يكافحون أيضً٦ للحفاظ على صداقات صحية.
يرتبط جزء من هذا النضال ارتباطاً مباشراً بتدني احترام الذات، إن الافتقار إلى احترام الذات هو نتيجة مباشرة للأشياء السيئة والمؤذية التي يقولها الأطفال الآخرون عنهم، فمثلاً عندما يطلق على الأطفال باستمرار لقب “سمينون” أو “فاشلون”، فإنهم يبدأون في الاعتقاد بأن هذه الأشياء صحيحة.
يميل ضحايا البلطجة أيضاً إلى تجربة مجموعة واسعة من المشاعر، قد يشعرون بالغضب والمرارة والضعف والإحباط والوحدة والعزلة عن أقرانهم، وبالتالي قد يتغيبون عن الدروس ويلجأون إلى المخدرات والكحول لتخدير آلامهم، وإذا كان التنمر مستمراً، فقد يصابون بالاكتئاب وحتى التفكير في الانتحار.
وفقاً للبحث، لا يوجد سبب واحد للاكتئاب، يمكن أن تلعب كيمياء الدماغ والهرمونات وعلم الوراثة وتجارب الحياة والصحة البدنية دوراً، ولكن إذا لم يحدث أي تدخل، يمكن للأطفال في النهاية تطوير ما يعرف باسم “العجز المكتسب”، يعني العجز المكتسب أن المستهدفين من التنمر يعتقدون أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء لتغيير الموقف، نتيجة لذلك توقفوا عن المحاولة، بعد ذلك يصبح الميل إلى الاكتئاب أكثر حدة، هذا يؤدي إلى الشعور باليأس والاعتقاد بأنه لا يوجد مخرج.
مع نمو الأطفال الذين يتعرضون للتنمر إلى سن الرشد، قد يستمرون في النضال مع احترام الذات، ويجدون صعوبة في تطوير العلاقات والحفاظ عليها، وتجنب التفاعلات الاجتماعية، وقد يواجهون أيضاً صعوبة في الثقة بالناس، مما قد يؤثر على علاقاتهم الشخصية وعلاقات العمل، وقد يبدأون حتى في تصديق الأكاذيب حول التنمر، مثل إقناع أنفسهم بأن التنمر لم يكن بالسوء الذي يتذكرونه، ومن الممكن أن ينهرطوا أيضاً في لوم الذات.
ثانياً: التأثير المادي
بصرف النظر عن النتوءات والكدمات التي تحدث أثناء التنمر الجسدي، هناك تكاليف جسدية إضافية، على سبيل المثال غالباً ما يعاني الأطفال الذين يتعرضون للتنمر من القلق، وهذا الضغط على أجسادهم سيؤدي أيضاً إلى مجموعة متنوعة من المشكلات الصحية، بما في ذلك المرض في كثير من الأحيان والمعاناة من القرحة وغيرها من الحالات التي يسببها القلق المستمر.
قد يشكو الأطفال الذين يتعرضون للتنمر من آلام في المعدة والصداع، وقد يؤدي التنمر الذي يتعرضون له إلى تفاقم حالات أخرى موجودة مسبقاً مثل الأكزيما، وتتفاقم أمراض الجلد، ومشاكل المعدة، وأمراض القلب التي تتفاقم بسبب الإجهاد عند تعرض الطفل للتنمر.
ثالثاً: الأثر الأكاديمي
غالباً ما يعاني الأطفال الذين يتعرضون للتنمر من الناحية الأكاديمية أيضاً، حيث يكافح الأطفال الذين يتعرضون للتنمر من أجل التركيز على واجباتهم المدرسية.
في الواقع، يعد الانزلاق في الدرجات أحد العلامات الأولى على تعرض الطفل للتنمر، وقد يكون الأطفال أيضاً منشغلين جداً بالتنمر لدرجة أنهم ينسون المهام أو يجدون صعوبة في الانتباه في الفصل.
بالإضافة إلى ذلك، قد يتخطى الأطفال الذين يتعرضون للتنمر المدرسة أو الصفوف لتجنب تعرضهم للتنمر، يمكن أن تؤدي هذه الممارسة أيضاً إلى انخفاض الدرجات، وعندما تبدأ الدرجات في الانخفاض، فإن هذا يزيد من مستويات التوتر التي يعاني منها الطفل الذي يتعرض للتنمر بالفعل.
أظهرت دراسة أجرتها جامعة فيرجينيا أن الأطفال الذين يرتادون مدرسة ذات مناخ شديد من التنمر غالباً ما يحصلون على درجات أقل في الاختبارات الموحدة، خيث أن التنمى يؤثر حتى على الطلاب الذين يشهدونه.
على سبيل المثال، سجل الأطفال درجات أقل في الاختبارات الموحدة في المدارس التي بها الكثير من التنمر مقارنة بالأطفال في المدارس التي لديها برامج فعالة لمكافحة التنمر، حيث أن أحد الأسباب المحتملة لانخفاض الدرجات في المدارس التي ينتشر فيها التنمر هو أن الطلاب غالباً ما يكونون أقل مشاركة في عملية التعلم لأنهم مشتتون للغاية أو قلقون بشأن التنمر.
بالإضافة إلى ذلك، قد يكون المعلمون أقل فاعلية لأنهم يجب أن يقضوا الكثير من الوقت في التركيز على إدارة الفصل الدراسي والانضباط بدلاً من التدريس.
رابعاً: التأثير على الأسرة
عندما يتعرض الطفل للتنمر، غالباً ما يواجه الآباء مجموعة واسعة من العواقب بما في ذلك الشعور بالعجز عن إصلاح الموقف، قد يشعرون أيضاً بالوحدة والعزلة، وقد يصبحون مهووسين بالموقف في كثير من الأحيان على حساب صحتهم ورفاهيتهم، كما يشعر الآباء بأنهم فشلوا في حماية الطفل من التنمر، وقد يشككون أيضاً في قدراتهم الأبوية، حتى أنهم قد يشعرون بالقلق من أنهم بطريقة ما فاتتهم علامات التنمر أو أنهم لم يفعلوا ما يكفي لحماية طفلهم من التنمر طوال الوقت، ولكن الحقيقة هي أنه لا يمكن لأحد التنبؤ بمن سيستهدف المتنمرون.